الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد:
فقد
نمى إلى علمي رغبة بعض الإعلاميين تسجيل فيلم يتضمن تمثيل الصحابي الجليل
الحسن بن علي رضي الله عنهما والصحابي الجليل الحسين بن علي رضي الله عنهما
ونصحاً للأمة وبياناً للحكم الشرعي ، أحببت أن أوضح أن القيام بمثل هذا
العمل من الأفعال المحرمة شرعاً لعدد من الأدلة منها .
أولا: أن من الأمور المتقررة شرعاً فضل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا ), وقال تعالى : (
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله
عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك
الفوز العظيم ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم :( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ) الحديث, وقال : ( لاتسبوا أحداً من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ماأدرك مد أحدهم ولانصيفه ), ومن ذلك: فضل الحسن والحسين كما نطقت به النصوص فقد قال النبي صلى الله عليه وسل : ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى ويحيى صححه ابن حبان .
وقال صلى الله عليه وسلم للحسن ( ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ) أخرجه البخاري, وقال عنه : ( اللهم إني أحبه فأحبه ) أخرجه البخاري
وهذا
الفضل لما لديهم من أعمال صالحة لا يمكن أن يصل إلى حقيقتها من يقوم بعمل
هذه الأفلام والمسرحيات مما سيكون انتقاصاً لمكانتهما وتنزيلاً لمقامهما,
ويكون مخالفاً لما أثنى الله به عليهم.
ثانياً: أن
الذين سيقومون بعمل الحسن والحسين ليسوا على مستواهما في الفضل والتقوى,
وقد يقومون بأعمال وتمثيليات أخرى فيها أفعال غير لائقة, فقد تربط بعض
الأذهان بين أفعال هؤلاء الممثلين وبين ما ينسب إلى هذين الإمامين
الجليلين, ويكون سبباً لأن ينسب إليهما مالايرضى من الأقوال والأفعال.
ثالثاً: أن
امتهان سيرة هؤلاء الأئمة من قبل الممثلين ونحوهم سيؤدي إلى زعزعة ثقة
الأمة في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومن ذلك سيرة الإمامين
الجليلين الحسن والحسين مما يورث خفة هيبة مقامهم في قلوب المشاهدين ويفتح
باب التشكيك على المسلمين في دينهم لأن مثل هذه التمثيليات تتضمن بعض من
يتكلم بالسب والقدح في هؤلاء الأئمة ممن يعاديهم في زمانهم لا على وجه
الحكاية له عنهم بل على وجه النطق به تبنيا له.
رابعاً: أن أغلب من يدخلون في هذا الباب إنما يقصدون الربح المادي بدون سعي لتحقيق الروايات التاريخية والتمييز بين صحيحها وضعيفها
خامساً: أن الممثلين يغلب عليهم طابع التصنع في الحركات والأقوال للفت الأنظار وعمل مايناسب لأحوال التصوير مما يخالف الواقع .
سادساً: أن
الوقائع المنقولة عن هؤلاء الأفاضل رضي الله عنهم فيها جزئيات لم يتم
نقلها من صفات ثيابهم أو مساكنهم أو نحو ذلك فعندما يتم تمثيلهم يحتاج
المخرج لإخراج ذلك في التمثيل من خياله مما لايكون مماثلاً لواقع الحال
فيكون كذباً عليهم ، لما يفهم عنهم من أنهم أقروا ذلك .
سابعاً: أن
هذه التمثيليات لا تنقل إلا جزءاً من المنقول عن حياة هؤلاء الأماجد مما
يرغبه القائمون عليها ، ويغفلون كثيراً من سيرهم وأعمالهم ، مما يجعل بعض
المشاهدين يظن أنهم لم يفعلوا تلك الوقائع التي أغفلها الممثلون .
وبناء
على ما سبق فإن القيام بوضع تمثيليات أو أفلام تمثل سيرة هذين الإمامين
الحسن والحسين رضي الله عنهما أو غيرهما من الصحابة يعد من أنواع المحرمات
التي يأثم فاعلها شرعاً, ويلحق الإثم من ساعد على هذا العمل أو شارك فيه أو
أعان عليه, ومما يمنع منه أيضاً مشاهدة مثل هذه البرامج أو الإعانة عليها
بدعاية أو اتصال أو تسهيل لنقله في القنوات التلفزيونية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.