ليبيا نهاية عهد العقيد الثوار يقتحمون باب العزيزية ولندن تلمّح للدخول براً يلهون برأس منحوت للقذافي في باب العزيزية أمس (سيرغي بونوماريف ــ أ ب)
... وفي اليوم الرابع لمعركة طرابلس، التي بدأت السبت، سقط معقل
العقيد الليبي معمر القذافي في باب العزيزية، في وقت برزت فيه معطيات
غربية عن وجود عسكري مباشر على الأرض، مع إعلان لندن نيتها إرسال قوات «حفظ
سلام»، وتمديد حلف الأطلسي لمهمته وتوسيعها بعد ساعات قليلة من استئناف المعارك في
جنوب العاصمة الليبية طرابلس، دخل مقاتلو المعارضة إلى مقر السلطة الحصين
في باب العزيزية، حيث فر «الجرذان»، حسبما ذكر القائد العسكري للثوار في
طرابلس عبد الحكيم بلحاج. بلحاج، الذي استخدم تعبير القذافي عن مناهضيه منذ
بداية الثورة في 15 شباط الماضي، حين وصفهم مراراً بالجرذان، أكد من باب
العزيزية أن رجاله «حسموا المعركة» في العاصمة، مضيفاً عبر قناة «الجزيرة»
الفضائية «استطعنا ان نهدم الأسوار وفروا أمامنا فرار الجرذان».
وأضاف بلحاج أنه «بضربات الثوار تهاوت كل التحصينات التي تعاملوا معها بكل دقة. ألقينا القبض على العديد من الأسرى».
فبعد نهار سيطر فيه الوجوم والإحباط على الشارع الليبي بسبب ظهور نجل
العقيد القذافي سيف الإسلام، حراً طليقاً في شوارع المدينة، تسلّم الثوار
زمام المبادرة وبدأوا هجومهم على مجمّع باب العزيزية، الذي كان يعتقد بوجود
القذافي وأبنائه ومعاونيه في داخله.
وبدا أن هذا الهجوم قد أوتي أكله فور تلقي الثوار تعزيزات من مدينة مصراتة
التي اختبر فيها عناصر المعارضة قدراتهم القتالية طوال 3 أشهر كانت خلالها
المدينة خاضعة لحصار كتائب السلطة، فيما قالت مصادر الثوار إن ألفي مقاتل
كانوا في العاصمة أمس.
وداخل المجمع الذي يمتد مئات الأمتار والمؤلف من مبان عدة، استولى مئات من الثوار على كميات من الأسلحة عثروا عليها في أحد المباني.
في هذا الوقت، كان المتحدث العسكري باسم المعارضة، العقيد أحمد عمر باني،
يتحدث من بنغازي، قائلاً إن «باب العزيزية بات بكامله تحت سيطرتنا، العقيد
القذافي وأبناؤه لم يكونوا في المجمع». وأضاف: «لا أحد يعلم أين هم».
وعن مصير العقيد الليبي أيضاً، قال المتحدث باسم المجلس الوطني، جمعة
القماطي، لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية: «لا نعتقد أنه غادر البلاد.
ونعتقد أنه ما زال داخل ليبيا. ونعتقد أنه إما في طرابلس أو بالقرب من
طرابلس».
إلا أن العضو النافذ في المجلس الوطني، فتحي تربل، قال من جانبه: «نحن مقتنعون بأن القذافي غادر طرابلس».
وكان رئيس اتحاد الشطرنج الروسي، كيرسان اليومغينوف، قد أكد أن الزعيم
الليبي أبلغه هاتفياً بعد ظهر أمس أنه لا يزال في طرابلس حياً وفي صحة جيدة
ولا يعتزم مغادرة المدينة.
وفي وقت لاحق، عقد عضو المجلس الانتقالي، محمود جبريل، مؤتمراً صحافياً،
تحدث فيه عن المراحل المقبلة أمام الثوار: من حفظ الأمن في طرابلس، الى
العمل على تحرير مدن لا تزال تحت سيطرة كتائب القذافي، مثل سبها التي
«تتعرض للقصف من قبل قوات القذافي»، موجهاً تحية خاصة الى أبناء مصراتة
الذين ساهموا الى جانب «مقاتلي جبل نفوسة» في تحرير العاصمة. وقال إن
المرحلة المقبلة ستقود الى تنظيم انتخابات وتأسيس دولة قائمة على العدل.
وأكد جبريل أن المرحلة المقبلة لن تكون «مرحلة إقصاء أو تصفية حسابات»،
وتحدث عن تشكيل غرفة أمنية والعمل على تأسيس لجان شعبية في العاصمة من أجل
حفظ الأمن. وعن قضية اعتقال سيف الإسلام، قال إن الأمر «لم يكن مؤكداً لدى
قيادة المعارضة». لكنه اشار الى أن نبأ هذا الاعتقال «خدم الثوار سياسياً
وعسكرياً».
وفي نيويورك، أكد نائب مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، إبراهيم الدباشي، أن
أن المعارضين الليبيين سيبحثون لائحة الاتهامات ضد معمر القذافي وابنه سيف
الإسلام ومدير استخباراته عبد الله السنوسي، مع المحكمة الجنائية الدولية،
لكنهم يريدون محاكمتهم في ليبيا. غير أن وزير الخارجية الإيطالي فرانكو
فراتيني، رأى أنه يجب محاكمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
في غضون ذلك، قالت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أمس إن 200 جندي بريطاني
وُضعوا على أهبة الاستعداد للتوجه إلى ليبيا خلال مهلة 24 ساعة إذا استدعى
الأمر، وهم يتمركزون الآن في قبرص وعلى بعد نحو 1600 كيلومتر عن ليبيا،
فضلاً عن 600 جندي من مشاة البحرية منتشرين في منطقة البحر الأبيض المتوسط
لدعم العمليات الإنسانية.
وفي لندن أيضاً، كشفت صحيفة «الصن»، أن خبراء من قوات النخبة البريطانية
يعملون سراً في ليبيا منذ عدة أسابيع في مهمة لتدريب قوات المعارضة
الليبية، ويسهمون الآن في الجهود الرامية إلى تقديم القذافي للعدالة بعد
دخول قوات المعارضة إلى العاصمة طرابلس.
وسبقت أحداث يوم أمس اتصالات سياسية واسعة، كان أهم ما نتج منها اتفاق
الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ورئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون،
على وصول الوضع في ليبيا إلى نقطة تحول، وعلى ضرورة أن يتخلى الزعيم الليبي
عن السلطة. وأصدر البيت الأبيض بياناً ذكر فيه أن الجانبين «اتفقا على أن
الوضع بلغ نقطة تحول، وعلى القذافي التخلي عن الحكم مرة واحدة وأخيرة».
وكان كاميرون قد تحادث هاتفياً مع الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي. وجاء في
بيان الرئاسة الفرنسية أن كاميرون وساركوزي «اتفقا على مواصلة جهود دعم
السلطات المشروعة في ليبيا، ما دام العقيد القذافي يرفض تسليم السلاح».
وفي بروكسل، رأست مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين
أشتون، اجتماعاً رفيع المستوى لبحث سبل تنسيق المواقف الأوروبية تجاه الوضع
في ليبيا. وأوضحت أشتون في مؤتمر صحافي، أن الاتحاد الاوروبي مستعد
للإفراج عن الأرصدة المجمدة للنظام الليبي لمصلحة السلطات الجديدة، على أن
يكون ذلك بحسب القرارات التي سيتخذها مجلس الأمن الدولي.