الورده الشاميه اغلى من الذهب وابقى من النفط الورده الشاميه اغلى من الذهب وابقى من النفط
دمشق- “أغلى من الذهب وأبقى من النفط”، بهذه العبارة يصف السوريون
“الوردة الشامية”، التي تتميز بفوائد طبية وعطرية وغذائية وتجميلية كبيرة،
وتصنع طقسا اجتماعيا بديعا أيام الجني، ما دفع الشعراء والأدباء للتغني
بها قديما وحديثا.
فقد لقبتها الشاعرة الاغريقية سافو بـ”ملكة الأزهار”، فيما ذكرها الكاتب
البريطاني الشهير وليم شكسبير في احدى مسرحياته قائلا “جميلة كجمال وردة
دمشق”.
ويقول رئيس منتجي النباتات والازهار في سوريا وعضو اللجنة الدائمة لمعرض
الزهور الدولي المهندس الزراعي محمد الشبعاني لوكالة انباء “شينخوا”
بدمشق، إن الاسم العلمي للوردة الشامية هو “روزا دامسينا”، لافتا الى ان
هذه الوردة عرفت منذ آلاف السنين في منطقة سوريا.
وتابع الشبعاني خلال زيارة لاحد بساتين الوردة الشامية في خان الشيح غرب
دمشق، ان “الوردة الشامية هي اغلى من الذهب وابقى من النفط، لأن لها فوائد
طيبة عديدة فيصنع منها مجموعة كبيرة من الادوية”.
واضاف ان البحارة حملوها لغناها بفيتامين “C” ولأهميتها في معالجة نزف اللثة.
وانتقلت الوردة الدمشقية من بلاد الشام الى العالم القديم بواسطة
اليونانيين والرومان وقدماء المصريين، ومن ثم الى اوروبا خلال حروب
الفرنجة.
وتحدث الشبعاني مطولا عن الوردة الشامية واهميتها الاقتصادية وشجع المواطنين على زراعتها.
واوضح ان مساحة دونم من الارض مزروعة من القمح تنتج حوالي ما تقرب قيمته
من 12 الف ليرة سورية ما يعادل 255 دولارا، في حين ان دونم من الوردة
الشامية يمكن ان تحصل من بيع الورد الطازج مبلغا صافيا 50 ألف ليرة سنويا
ما يعادل 1063 دولارا.
وفي ايام جني الوردة الشامية يسود طقس اجتماعي جميل وملفت للنظر، حيث
تجد النساء والرجال منتشرين في البستان يقطفون الوردة الشامية ويجمعونها في
سلال بلاستكية ليتم نقلها الى المصنع لاستخراج الزيت او ماء الورد.
ويستخلص من هذه الوردة زيت الوردة الشامية الاغلى من الذهب، اضافة الى شراب الورد الذائع الصيت بين الدمشقيين.
وتتميز الوردة الشامية برقتها وجمالها وحساسيتها ورائحتها وفوائدها
الاقتصادية والطبية، ما يستدعي ضرورة الاهتمام بهذه الوردة التي ارتبط
اسمها ببلاد الشام.
وفي هذا الصدد، تدعو امل محاسن امين سر جمعية اصدقاء دمشق، الى اقامة
مهرجان سنوي يسمى باسم الوردة الشامية للاحتفال بها والتشجيع على زراعتها
في البيوت والحدائق.
وتؤكد محاسن اهمية هذه الوردة في حياة السوريين لكونها تحمل طابعا
جماليا وتراثيا في الدرجة الاولى، كما تحمل طابعا اقتصاديا من خلال زراعتها
وتشغيل اليد العاملة وخاصة النسائية منها.
وتقول إن الوردة الشامية عانت فيما مضى من السنين لكثير من الصعوبات
وكانت معرضة للاندثار، موضحة ان الوردة الشامية اليوم تمكنت من استعادة
القها واصبحت من الورود الهامة.
وتابعت محاسن ان “جمعية اصدقاء دمشق تهتم كثيرا بالمفردات التراثية،
والوردة الشامية هي مفردة تراثية هامة والجمعية تعقد الندوات والمحاضرات
للتعريف بأهميتها التراثية والاقتصادية للاجيال الصاعدة ليكون هناك تواصل
مستمر مع التراث”.
وتزرع الوردة الشامية الان في سوريا بكميات كبيرة ويصنع منها افخر انواع
العطور، حيث يباع الكيلو غرام من زيت الورد بحوالي 40 الف دولار.
كما يصنع من واحد كيلو غرام من الورد واحد لتر من ماء الورد الذي يصنع
منه اطيب انواع المشروبات التي لها فوائد عطرية وطبية تدخل في الصناعات
الغذائية، كما يصنع منها مربى الورد وكذلك المتممات الغذائية الاخرى.
وتلعب زراعة الوردة الشامية دورا في تقليص البطالة وزيادة المساحة الخضراء والحد من التلوث والتصحر.
ويقول استاذ علم الأحياء بجامعة دمشق الدكتور غسان سلوم، إن هذه الوردة
اخذت شهرتها واهميتها لكثرة فوائدها العطرية والطبية والغذائية والتجميلية،
وهي شجرة معمرة واسعة التحمل للظروف البيئية، تنمو في المناطق المرتفعة عن
سطح البحر.
وتابع ان الوردة الشامية تلعب دوراً مهماً في المعالجة النفسية للإنسان
بما حباها الله من سحر يأخذ الألباب ويبعث في النفس الطمأنينة.
بدورها، شجعت رولا علي اديب وهي صاحبة معمل تقطير للوردة الشامية،
السوريين على زراعة شتلات الوردة الشامية لاهميتها الاقتصادية والجمالية.
وقالت إن طاقة معملها يوميا حوالي 12 طن من الورد المقطوف، لافتة الى ان
ماكينات معملها فرنسية الصنع ويمكنها ان تستخلص الزيوت العطرية من كل
انواع الزهور.
وشرحت صاحبة المعمل مراحل تقطير الوردة الشامية، قائلة إن البداية مع
جني الورد من البستان ثم ينقل الى المعمل بعد اخذ الوزن ليوضع في وعاء
التقطير او “الكركي” مضافا اليه اربعة اضعاف وزنه ماء منزوع القساوة
“الاملاح المعدنية” اي واحد كلغم ورد شامي يحتاج الى 4 لتر ماء.
واوضحت ان كل 4000 طن من الورد تنتج 1 كيلو غرام من زيت الورد الشامي.
وتعد قرية المراح التي تبعد نحو ستين كلم شرق دمشق من اشهر القرى التي
تزرع هذه الوردة الشامية، ومن اولى القرى التي تعمل على الحفاظ عليها كونها
كنزاً حقيقياً لم يدرك العرب منه إلا قيمته العطرية، فهي بحق منجم طبيعي
لا ينضب واستحقت شهرة عالمية جعلتها سفيرة دمشق الى العالم