الحمد لله القائل: {
لَنْ يَنَالَ اللَّهَ
لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ...}
[الحج: 37]. والصلاة على رسوله الأمين.
وبعد:
فإن من أهم عِبَر الأضحية حثنا وحث الأمة على التمسك الحق الكامل بالدين
والتزام كل أوامره، وعدم التردد في أداء الواجبات وترك المنكرات، ففي هذه
الشعيرة نتأسى بالخليل وإسماعيل -عليهما السلام- عندما لم يترددا في
الاستجابة للخالق سبحانه وتنفيذ ما أُمِرا به: {
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي
أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا
أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ
الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102]. وأمتنا أمة الخير الكبير، ويبادر
الملايين من المسلمين لتقديم الأضاحي ولكـــــــــــن... هل تذكرنا الدرس
الكبير منها، فبــــــادرنا بالتوبة الصادقة الجادة وتصحيح المسار وتحقيق
التمسك الحق بكل أوامر الدين؟
إننا نحتاج مع هذه الشعيرة العظيمة أن نراجع وضع أنفسنا ومجتمعاتنا في شتى
مظاهر وصور حياتنا.
ولننحر مع أضاحينا كل أمر لا يرضي الله في واقع حياتنا، بتركه وإنكاره
ومقاطعته ورفضه وإيقافه، بالحكمة والأسلوب الصحيح.
- لننحر ما لا يرضاه الله في أنفسنا من انحراف عقدي أو بِدَعِي.
- لننحر أي فكر ومبادئ وتصورات ورغبات لا يرضاها الدين.
- لننحر كل ما لا يرضي الله في باطن قلوبنا.
- لننحر كل ما لا يرضي الله في تعاملاتنا وأخلاقنا وسلوكياتنا المختلفة.
- لننحر الغيبة التي كثرت والنميمة وسوء الظن.
- لننحر الظلم والغش والنفاق والتقصير في مسؤولياتنا وأعمالنا.
- لننحر المجاهرة للعظيم سبحانه بما لا يرضاه في وسائل الإعلام وغيرها.
- لننحر كل ما لا يرضي الله فيما نشاهده ونسمعه.
- لننحر كل ما لا يرضي الله في هيئاتنا ولباسنا.
- لننحر كل ما لا يرضاه الله في أسواقنا وشوارعنا ودورنا وأعمالنا.
- لننحر الخنوع والضعف والاستكانة للمفسدين والظالمين.
- لننحر تقصيرنا في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- لننحر الترف والبذخ واللهو القاتل الذي لا يليق أن نلتهي به وأمتنا تذبح
وتعاني في شتى بقاع الأرض.
- لننحر تقصيرنا في واجباتنا الكبيرة الهامة تجاه أمتنا وما تعانيه.
إنها أضاحٍ كثيرة نحتاج أن نضحي بها... وإن ضحينا بها فسنلقى خيرات وستنزل
علينا بركات، وسنسعد السعادة الكبيرة في الدارين بإذن الله، وسيعود لنا
العز والمجد والمكانة السامقة التي افتقدتها أمتنا في عصرنا الحديث،
وسينتهي الذل الذي لا زلنا نعاني منه حتى الآن.
إن نحر ذنوبنا هو طريقنا الأهم يا أمة الإسلام لنحر انهزامنا أمام أعدائنا
المعاندين المستأسدين، وعلينا قبل أن نواجههم أن ننحر الذنوب التي هي أقوى
وسيلة يتسلطون وينتصرون ويتغلبون بسببها علينا، ويطيلون بها عجزنا المشين
عن إنقاذ إخواننا المذبحين المضطهدين.
فلننحـــــر الإثم حتى يأتنا الظفـرُ *** ويذهــب الذل والأعداء
تندحــــرُ
ونكســـب الفوز في دنيا وآخـرةٍ *** ويُسعـد الكون والخيرات تنتشــر
يا مـن يضحي بأكباشٍ لينحـرها *** إن الذنوب تقــــول الآن أنتظــــر
قد حـان وقتٌ لكي تلقى نهايتها *** وينتهي الإصرارُ داء الأمة الأشِرُ
وختاما فلننحر كل أشكال وصور الذنوب وما لا يحبه ربنا وخالقنا والمنعم
علينا نحرًا يميتها لنحيـــا من جديد.
ذلك هو السبيل إلى كل خير.. ذلك هو السبيل إلى الفوز العظيم.
قال تعالى: {
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ
جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:
31].