تعرف الدورة الشهرية بمجموعة
التغيرات الدورية التي تطرأ على المبيض وعلى الغشاء المخاطي لباطن الرحم في
الفترة الكائنة بين الطمث الأول وبين سن الأياس، وتدوم الدورة الشهرية
الواحدة وسطياً مدة 28 يوماً، والعلامة الدّالة على حدوثها هي النزف الرحمي
في فترات زمنية متساوية، وهذا ما يُدعى أيضاً العادة الشهرية أو الميعاد
الشهريّ.
هناك ثلاثة أعضاء مهمة تنظّم
مجرى الدورة الشهرية، وهي متّصلة مع بعضها بعضاً بحلقة أو كما يسمّيها
البعض بالدارة، وهذه الأعضاء: ما تحت السرير البصري (جزء من الدماغ
المتوسط) والنخامية الأمامية والمبيضات، وتُعتبر الهرمونات المفرزة من هذه
الأعضاء مسؤولة عما يحدث في الدورة الطمثية من تغيرات.
إن الحلقة التي ذكرت، ليست
مستقلة استقلالاً ذاتياً، اذ ترتبط بأجهزة أخرى، خاصة الغدة الكظرية والغدة
الدرقية، فأيّ اضطراب يحدث في الغدة النخامية أو في ما تحت السرير البصري
أو في الكظر أو في الدرقية أو في غيرها من الغدد الصّمّ، يؤدي إلى اضطراب
الطمث وعملية الإباضة.
وكما ذكرنا، تأتي الدورة
الطمثية وسطياً كل 28 يوماً، وأحياناً كل 21 يوماً ونادراً ما تطول إلى 30
أو 35 يوماً، وحدوث الحيض في حدّ ذاته، هو دلالة على توقّف العمليات
الفسيولوجية التي تهيّئ الجسم للحمل، وتستمرّ العادة الشهرية وسطياً من
(3-5) أيام وفي اليوم الأول من الدورة يكون النزف غالباً قليلاً، ثم يشتدّ
في اليوم الثاني والثالث وفي اليومين الرابع والخامس يخفّ الطمث شيئاً
فشيئاً حتى ينقطع نهائياً، وكمية الدم التي تفقدها المرأة شهرياً لا تتجاوز
(100) مليلتر. ويحتوي دم الحيض على خليط كبير من إفراز الغدد الرحمية
وأجزاء متفككة من الطبقة السطحية لبطانة الرحم والتي تتجدّد في كل دورة،
والطمث لا يتخثر عادة، وذلك لوجود أنزيمات معينة فيه.
وتُصنف الاضطرابات الطمثية
حسب اختلاف أوقات حدوثها وباختلاف كمية الدم النازف أثناءها ومن اضطرابات
الدورة الطمثية التي تصادف الطبيب في عيادته هي:
- عدم انتظام الدورات الطمثية، مثل:
- ندرة الطموث: في هذه
الحالة لا تتكرر الدورة الطمثية كل 28 يوماً (كل أربعة أسابيع) أي أنّ حدوث
الطموث يكون بفواصل أكثر من 31 يوماً ويعود طول الدورة الطمثية إلى طول
فترة نضج جريب المبيض، بينما يكون دور الجسم الأصفر طبيعياً (الفترة بعد
الإباضة)، ويعتقد بأن طول دور نضج الجريب المبيضي يعود إلى توقّف في سير
نمو الجريب.
- تعدّد الطموث: في هذه الحالة تتقارب الدورات الطمثية التي تقل مدّتها عن 21 يوماً. وأسبابها هي ثلاثة:
- قصر فترة نضج الجريب المبيضي.
- أو قصر فترة الجسم الأصفر.
- أو إذا كانت الدورة لا إباضية.
- اضطرابات شدّة الطمث:
- الطمث الخفيف: هو ذلك
الطمث المنتظم الذي تكون فيه كمية الدم قليلة جداً والذي ينقطع نهائياً بعد
ساعات من بدئه، وأسبابه لم تُعرف بعد، ولكن غالباً تكون آفات عضوية لبطانة
الرحم مرافقة له، كما يُعزى السبب أيضاً إلى تخريب في الغشاء المخاطيّ
لباطن الرحم. كذلك يحدث الطمث الخفيف في بداية سنّ الأياس، أو نتيجة لأسباب
نفسية، وفي حالات نادرة قد يكون مرافقاً لحالات قصور المبيض.
- الطمث الشديد واستمراره أكثر من سبعة أيام:
هو زيادة كمية الدم النازف أثناء الطمث على 150 مل، وقد يكون هذا النزف من
الغزارة بحيث يؤدّي مع مرور الزمن إلى فقر دم يستدعي المعالجة.
يُعتبر كل نزف زاد على سبعة
أيام نزفاً ناجماً عن اضطراب وظيفيّ (هرمونيّ)، إلا أنّ هذا لا يمنع الطبيب
المختصّ وصاحب الخبرة عن التفكير بإمكانية وجود أسباب عضوية قد تؤدي إلى
مثل هذا النزف مثل الآفات السرطانية للأعضاء التناسلية، وألياف رحمية تحت
الغشاء المخاطي للرحم، وزوائد لحمية في التجويف الرحمي وغيرها. ويُشار إلى
أنّ الصورة السريرية للنزوف العضوية والنزوف الوظيفية قد تكون متشابهة
تماماً، لذلك لا يمكن تفريقها سريرياً فقط ولكن قد يساعدنا على هذا
التّعرّف أو التّفريق، سنّ المريضة وقصّتها المرضيّة وفحصها السريري، إلا
أنّ ذلك كلّه لن يكون كافياً، والقاعدة في وضع التشخيص تقوم فقط على إجراء
بتجريف الرحم المجزأ وفحص المادة المجرفة خلوياً وذلك لنفي الأسباب
العضوية، ويُقصد بالتجريف المجزأ بتجريف مجرى عنق الرحم وتجريف جوف الرحم
كل على حده وفحص المادة المجرفة لكل منهما، وقبل إجراء عملية التجريف تُعطى
المريضة دواء هرمونياً، وإذا لم يتوقف النزف بعد 48 ساعة من تناول الدواء
فيجب الشكّ عندئذ بوجود أسباب عضوية له ويتوجّب التجريف المجزأ.
هناك بعض الحالات من النزوف
المستمرّة تعود إلى بعض الأمراض كأمراض الدم أو نقص الصفيحات الدموية، أو
أمراض الكبد، أو أمراض القلب وارتفاع الضغط الشرياني.
- النزوف الإضافية في دورة طمثية: ونعني بالنزوف الإضافية كافة النزوف التي تظهر ما بين اليوم 8 - 28 من أيام الدورة الطمثية، وأسبابها هرمونية على الأغلب.
- نزف ما قبل مجيء الدورة الشهرية:
تلاحظ المرأة قبل مجيء الدورة الشهرية بأيام قلائل نزفاً مهبلياً خفيفاً
سببه نقص في هرمون البروجسترون نتيجة ضعف في وظيفة الجسم الأصفر الذي ينشأ
في المبيض على أنقاض الجريب المبيضي الذي أفرز البويضة والذي وظيفته إفراز
هرمون البروجسترون، ويُعالج هذا الخلل هرمونياً.
- نزف ما بعد العادة الشهرية:
تلاحظ بعض النسوة بعد أيام قلائل من انتهاء الدورة الشهرية مشحات دموية،
وسبب هذه المشحات يعود إلى عدم كفاية تجدد الغشاء المخاطي لباطن الرحم بسبب
نقص في هرمون الأستروجين المفرز من المبيض والمسؤول عن تجدد بطانة الرحم
بالشكل الصحيح، ويُعالج هذا الخلل الوظيفي بعلاج هرمونيّ يقرّره الطبيب.
- غياب الطمث الثانوي:
يُعرف غياب الطمث الثانوي بانقطاع الطمث لمدة تزيد على أربعة شهور لدى
امرأة غير حامل كانت طموثها منتظمة لفترة ما، ويعود انعدام الطمث الثانوي
غالباً إلى أسباب وظيفية، كما يمكن أن يعود في بعض الحالات إلى أسباب
عضوية. وحسب كمية الهرمونات النخامية الحاثة للمبيض، هناك نوعان من انعدام
الطمث: النوع الأول المتسبب عن انخفاض كمية الهرمونات النخامية الحاثة
لوظيفة المبيض، والنوع الثاني المتسبب عن ارتفاع كمية الهرمونات الحاثة،
وفي حالة النوع الثاني ينعدم تأثر المبيض بالهرمونات النخامية وتكون
الإصابة عندئذ في المبيض، ومثال على ذلك سنّ الأياس المبكّر.
ومن الأسباب العضوية، آفة في
الغدة النخامية كالورم مثلاً، أو أمراض الغدة الدرقية، ومرض السل، وتكيس
المبيض وأورام المبيض، وأيضاً ورم الغدة الكظرية. مما سبق، يتبيّن أنّ غياب
الطمث الثانوي مرض غير محدّد، ويعود حدوثه إلى عوامل عديدة، حيث من المهم
قبل البدء بأيّ علاج، إجراء الفحوصات اللازمة بعد الاطلاع على القصة
المرضية