"التوكسيميا" واضطرابات الوزنيشير باحثون في مركز الوقاية والتحكم من الأمراض في أميركا إلى أن البعد عن
الانتظام في اتّباع حمية غذائية واحدة هادفة إلى إنقاص الوزن والتبديل في
أنواع الحميات طوال الوقت، يسبّبان خللاً في الاستقلاب الخلوي في الجسم.
ويوضح خبراء في "منظمة الصحة العالمية"، في هذا الإطار، أن الجسم مصمّم
على أن يبقى دوماً في حالة اتّزان دائمة ما بين عمليتي بناء الأنسجة
والخلايا Anabolism وهدمها Catabolism، علماً أن اضطرابات الوزن تحدث نتيجة
زيادة في معدّل عمل إحداهما مقارنة بالأخرى، ما يؤدي إلى اختلال في عملية
التمثيل الغذائي، ينتج عنه زيادة في تراكم الفضلات والسموم ما يصيب المرء
بالتعب المزمن والإرهاق والخمول وتعكّر المزاج، وهو ما أطلق عليه خبراء
الصحة مصطلح "التوكسيميا" Toxemia.
تعرف "التوكسيميا" Toxemia
باختلال الأيض وارتفاع سميّة الجسم. ومعلوم أن لهذه السموم طبيعة حمضية
تزيد من مقدرة الجسم على الاحتفاظ بالسوائل وتجميعها، فتُحدث زيادةً وهميةً
في الوزن وترهّلاً وانتفاخاً في أماكن معيّنة فيه، كالردفين والفخذين وحول
الوسط والذراعين وتحت الذقن.
"سيدتي" تطلع من الاختصاصي في التغذية
العلاجية الدكتور أكرم رشيد عن الأسباب المسؤولة عن الإصابة بـ
"التوكسيميا"، وكيفية تفادي الإصابة بها:
عوامل الإصابةيوضح خبراء في "الجمعية الأميركية للصحة العامة" أن "التوكسيميا" تصيب الجسم نتيجة عوامل مختلفة، أبرزها:
_
الوظائف الحيوية: تنتج "التوكسيميا" عن خلل وظيفي في كيفية قيام الجسم
بهدم الخلايا القديمة واستبدالها بأخرى جديدة، إذ تضعف مقدرته على طرد
بقايا الخلايا القديمة والاحتفاظ بها في صورة مركبات ضارّة، علماً أنه يجب
أن يحطّم عدد الخلايا القديمة ويستبدل يومياً بكميّات تتراوح بين ثلاثمائة
بليون إلى ثمانمائة بليون خليّة، لتتحوّل بقايا الخلايا القديمة إلى سموم
ومركبات ضارّة تُخزّن في الخلايا الدهنية في حال عدم التخلّص منها عن طريق
الأمعاء أو المثانة أو الرئتين أو الجلد، ما يؤدي إلى اختلال الأيض
والإصابة بالبدانة.
_ ضعف الهضم والامتصاص: تتسبّب الأطعمة غير
المهضومة أو غير الممتصّة بشكل جيد في جهاز الهضم في اختلال واضح في معدّل
الأيض، وبالتالي في زيادة كمية الشوادر الحرّة في الجسم، علماً أن الأطعمة
المقلية والمطبوخة تكون عسرة الهضم أكثر من المواد الطبيعية الطازجة كالخضر
والفاكهة.
ويستنتج العلماء أن السيطرة على هاتين الطريقتين، بجانب
الحفاظ على انتظام عملية الإخراج تحفظان عملية التوازن بين بناء وهدم
الخلايا الحيّة، بجانب بقاء الأيض دوماً مرتفعاً.
آثار جانبية ضارةويعزو
الباحثون أسباب الإصابة بالبدانة إلى زيادة في معدّل تراكم السموم
والمركبات الضارة في خلايا الجسم الدهنية، ما يزيد النسيج الدهني عند
النساء والرجال، ويفيدون أن النساء معرّضات إلى اكتساب الدهن وترسّبه على
القسم الداخلي من الفخذين والوركين، فيما يزيد تراكم الدهون على منطقة
البطن عند الرجال، علماً أن زيادة دهون البطن تعتبر أحد أسباب الإصابة
بأمراض القلب وتصلّب الشرايين والسكري وارتفاع ضغط الدم.
حميات متأرجحةوتقود
رغبة البعض في سرعة خفض الكيلوغرامات الزائدة من وزنه إلى اتباع حمية
تفتقر إلى المعادن والفيتامينات الهامة لصحة الأيض في الجسم، ولعلّ أشهر
الحميات السريعة تتمثّل في "حمية المادة الغذائية الواحدة" التي تتسبّب في
إضعاف مناعة الجسم وخفض معدّل الأيض فيه، فضلاً عن مجموعة من الاضطرابات
الصحية: "التوكسيميا" وضعف المناعة التدريجي والضعف العام والشعور
بالإحباط. وتظهر نتائج الأبحاث الصادرة عن "هيئة الغذاء والدواء الأميركية"
أن الحميات السريعة تحدث ردّة فعل عكسية في الجسم لمجرّد تناول أية أطعمة
دسمة، أو عند العودة إلى نظام التغذية القديم، الأمر الذي يعيد الوزن إلى
ما كان عليه قبل اتّباعها وبعدد أقل من السعرات الحرارية. ويعزو الخبراء
هذه الحالة إلى 3 أسباب رئيسة، هي:
اختلال توازن المعادن والفيتامينات وانخفاض نسبتها في الجسم، ما يؤثر سلباً على عمليات البناء والهدم في الجسم.
الاحتفاظ بالطاقة أو السعرات الحرارية المكتسبة من الغذاء وعدم صرفها بسهولة.
انخفاض
معدل الأيض بشكل كبير نتيجة ضعف عضل الجسم، فالمجهود البدني الذي يبذل في
خلاله 200 سعرة قبل البدء في نظام الحمية يقلّ معدله إلى حدّ قد يصل إلى
150 أو 170 سعرة حرارية بعد الفراغ منه. ويعود السبب إلى أن حرمان الجسم من
السعرات الحرارية الضرورية التي تتلاءم واحتياجاته من الطاقة، يدفعه إلى
استخدام مخزونه الدهني كما مخزون العضلات من البروتينات كمصدر للطاقة.
وتبيّن، في هذا الإطار، دراسة نشرت مؤخراً في "المجلة الدورية للسمنة" أن
95% ممّن يتبعون حميات إنقاص الوزن السريعة يستعيدون الكيلوغرامات المفقودة
خلال عام من التوقّف عنها.
مراحل البناء والهدميتّفق
الخبراء على أن المرء يمرّ بمراحل ثلاث في حياته، لناحية عملية بناء
الخلايا الحية الجديدة والتخلص من الخلايا القديمة منها، هي:
1
البناء والتكوين: مرحلة يفوق خلالها معدّل بناء الخلايا الجديدة وتجديد
الأنسجة التالفة مقارنة بهدم الخلايا القديمة في الجسم، علماً أن الخلايا
الحية تتشابه في خصائصها أو وظائفها، وتتجمّع في ما يسمّى بـ "النسيج الحي"
Tissue. وتسمّى كل مجموعة من الأنسجة الحية بـ "العضو" Organ، ثم تتكتّل
هذه الأعضاء مكوّنة ما يسمى بـ "الجهاز" System. ويزداد بناء الخلايا
الجديدة في مرحلة النمو لدى الأطفال والمراهقين والشباب نتيجة لزيادة حجم
البروتين في الجسم.
2 المرحلة المتعادلة: يتساوى في خلالها معدل
بناء الخلايا الحية مع معدل هدم الخلايا القديمة، إذ يقلّ عدد الخلايا
الحية ويرتفع معدل هدم الخلايا القديمة في الجسم. تتمّ في الفترة الوسطى من
حياة الإنسان والتي تبدأ من الثلاثين وتستمر حتى منتصف الخمسين. ويؤكد
الخبراء أن انخفاض معدل الأيض في هذه المرحلة يتأثّر بزيادة هدم الخلايا
وصعوبة التخلص من البقايا المتخلّفة عنها.
3 الهدم والضعف: تتزامن
هذه المرحلة مع فترة التقدم في السن، حيث يفوق معدل هدم الخلايا القديمة
معدل بناء أخرى حية جديدة. وتظهر هذه المرحلة بعد سنّ الستين، فينخفض معدل
الأيض إلى أقصى حد له، ويعيش الجسم الضعف العام. وتزداد في هذه المرحلة
المشكلات الصحية، من التهاب المفاصل وهشاشة العظام لدى النساء خصوصاً.
8 وصايا صحية
1
أكثري من تناول البروتين الهام في بناء الخلايا والأنسجة العضلية في
الجسم، ما يفيد في رفع معدل الأيض، وبالتالي تسريع التخلّص من السعرات
الحرارية. وتجدر الإشارة إلى أن تركيبة البروتين تحتوي على مواد تعرف
بالأحماض الأمينية، تساعد في القضاء على الدهون المشبعة و"الكوليسترول"
و"اللاكتوز" في الجسم. كما يحتاج البروتين إلى طاقة أكثر من المواد
الغذائية لإتمام هضمه، ما يجعله مثالياً للحميات ومعزّزاً للشبع.
2
تناولي 3 حصص من الفاكهة الطازجة (التفاح والفراولة والبرتقال والكرز
والمشمش) لارتفاع محتواها من مضادات الأكسدة التي تخلّص الجسم من السموم
الضارة وتقلّل الإصابة ب "التوكسيميا" وزيادة الوزن.
3 تناولي 5 حصص
من الخضر الورقية شديدة الاخضرار (الجرجير والبقدونس والسبانخ والفاصولياء
الخضراء والفليفلة والبازيلاء) لارتفاع معدّل مادة "الكلوروفيل" فيها
الهامة في نمو الخلايا الحية وتخليص الجسم من الشوادر الحرة فيه.
4
اشربي 8 أكواب من الماء يومياً و3 أكواب من عصائر الفاكهة الطازجة المخفّفة
بالماء وغير المحلاة (البرتقال والكيوي والفراولة) أو من مغلي الأعشاب
(النعناع واليانسون والكركديه)، وتناولي الأطعمة التي تحتوي على كمية كبيرة
من الماء. ومعلوم أهمية تناول الماء في تنشيط الدورة الدموية وتعزيز كفاءة
جهاز المناعة، ما يزيد من نمو الخلايا وتجديد الأنسجة.
5 تناولي
الأطعمة المطبوخة باعتدال، وحاولي استبدالها بالعضوية في صورتها النيّئة
للحصول على الفيتامينات والمعادن المعزّزة لصحة الأيض في الجسم.
6
تجنبي استهلاك الأغذية المقلية أو المحروقة، مع الحد من تناول الدهون
المهدرجة والحيوانية والأطعمة المصنّعة من السكر المكرّر والمواد الحافظة،
وذلك لخفض معدل الشوادر الحرة في الجسم.
7 تناولي ما يقارب 1000 ملليغرام من الفيتامين "سي" C يومياً لرفع معدل الأيض والتغلّب على مشكلات زيادة الوزن.
8
مارسي نشاطاً رياضياً لمدة 20 دقيقة على الأقل يومياً. وفي هذا الإطار،
يساعد الأوكسجين الناتج عن المشي في الهواء الطلق في زيادة معدّل الاستقلاب
الخلوي في الجسم ورفع كفاءة وظائفه وتنشيط الدورة الدموية فيه وتسريع
تجديد الأنسجة التالفة وبنائها من جديد.