مرت الذكرى السنوية الرابعة لرحيل الشاعرة والاديبة والمؤرخة اللبنانية ميّ المر، التي صارعت الحياة بكل ما أوتيت من عزم وقوة ورجاء وانتصرت على الأحزان والمصاعب. على مدى أعوام عشرة مع المرض لم تتوقف مي المرّ عن الكتابة وعن إلقاء المحاضرات واستضافة الشعراء والمثقفين في منزلها في الأشرفيه الذي حولته إلى صالون أدبي يضم أهل الفكر على اختلاف انتماءاتهم وطوائفهم، يتناقشون ويتداولون في الأمور السياسية والثقافية، فكان قلبها الكبير يستقبل بفرح الشباب والشيوخ على حد سواء ولا تبخل بنصيحة إلى كل من يحتاج إليها، فهي تعشق لبنان والإنسان في لبنان.
مي المرّ، مواليد العام 1929، حازت على شهادة في التاريخ والجغرافيا من الأكاديمية اللبنانية للفنون (ألبا)، وشهادة الدراسات العليا من جامعة ليون في فرنسا. أسست جمعيات فكرية ورأست بعضها آخرها "أكاديميا الفكر اللبناني" التي ضمت نخبة من أهل الفكر والثقافة، كذلك كانت عضواً في جمعيات لبنانية وعالمية من بينها: "جمعية أدباء فرنسا" و "جمعية شاردن العالمية" و"أكاديمية شعراء أميركا".
على مدى حوالى خمسين عاماً، نشرت أكثر من مئة مؤلف في التاريخ والأدب والعلوم والفن والمسرح وغاصت مع زوجها ألفرد في تراث لبنان العريق وبرهنت بما لا يقبل الشك أن لبنان الذي شع حضارة على العالم لا يزال إلى اليوم صانع الرجال الكبار بدليل أن معظم الأدباء والمفكرين في العالم جذورهم لبنانية.
أعطاها الشعر الفرح والحضور الإبداعي الراقي الذي تعتبره من أهم عطايا الله لها إلى جانب إنتمائها إلى وطن مثل لبنان وكانت تردد طوال حياتها: "لا أظن أن بلداً في العالم يكتب شعراً بلغات ثلاث باستثناء لبنان."
من أبرز مؤلفاتها: لمَ الورد، إليسا، بحبك، ليحنٍ رأسه السنبل، إنها فترة حب، رباعيات، الملحمة اللبنانية (تقع في ثلاثين ألف بيت من الشعر)، المسيح ولبنان (بالإشتراك مع زوجها)... ورأست تحرير جريدة "لبنان" التي كان يصدرها الشاعر سعيد عقل.
نالت جوائز لبنانية وعالمية من بينها جائزة سعيد عقل وأسست جائزة كمال المرّ على أثر وفاة إبنها وإحياء لذكراه ونالها كبار الأدباء والشعراء ورجال الفكر والعلم...
هكذا أنهت حياتها بإيمان كبير بلبنان وكانت أول من تنبأ بأن العالم كله سيلتفّ حول هذا الوطن الصغير ليخرجه من أزمته المتفاقمة. من آخر كتاباتها قصيدة في عنوان "ملء حبي فينيقيا - لبنان" وجاء فيها: قيل لبنان والدنى لبنان/ صفقي يا ذرى، وطر، يا زمان/ ليس، لا، من خريطة، هو رمز/ لمدى الفكر... والخيال افتتان/ (...) رددي أدهري وخليك سكر: / ملءُ حبي فينيقيا- لبنان
ساظل احبك وان طال انتظاري فان لم تكن قدري فانت اختياري
انا تعبان من غيرك ...اسمعني وراضي ضميرك....سكت ليه هتعمل ايه يا مالك روحي وامري شفت حصلي عشانك ايه؟؟!!!