مناقبه وكراماته
مناقب أبو بكر -رضي الله عنه- كثيرة ومتعددة فمن مناقبه السبق الى أنواع
الخيرات والعبادات حتى قال عمر بن الخطاب : ( ما سبقت أبا بكر الى خير إلاّ
سبقني ) وكان أبو بكر الصديق يفهم إشارات الرسول -صلى الله عليه وسلم -
التي تخفى على غيره كحديث : ( أن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده ،
فاختار ما عنده ) ، ففهم أنه عليه الصلاة والسلام ينعي نفسه ، ومن ذلك
أيضا فتواه في حضرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإقراره على ذلك
وهو أول خليفة في الإسلام ، وأول من جمع المصحـف الشريـف ، وأول من أقام
للناس حجّهـم في حياة رسـول اللـه -صلى اللـه عليـه وسلم- وبعده وكان في
الجاهلية قد حرم على نفسه شرب الخمر ، وفي الإسلام امتنع عن قول الشعر كما
أنه -رضي الله عنه- لم يفته أي مشهد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد
قال له الرسول -صلى اللـه عليه وسلم- : ( أنت عتيق الله من النار ) ، فسمّي
عتيقاً
وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال : ( كيف تفضِّلوني عليه ، وإنما أنا حسنة من حسناته !! )
عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال : كنت جالسا عند النبي -صلى الله
عليه وسلم- إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال
النبي -صلى الله عليه وسلم- : ( أما صاحبكم فقد غامر ) فسلم وقال :
( إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته
أن يغفر لي ، فأبى علي فأقبلت إليك ) فقال : ( يغفر الله لك يا أبا بكر )
ثلاثا ، ثم إن عمر ندم ، فأتى منزل أبي بكر ، فسأل : ( أثم أبو بكر
) فقالوا : ( لا ) فأتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسلم ، فجعل
وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمعر ، حتى أشفق أبو بكر ، فجثا
على ركبتيه فقال : ( يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم مرتين ) فقال
النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال
أبو بكر صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي ) مرتين
فما أوذي بعدها
خلافته
وفي أثناء مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يصلي بالمسلمين ، وبعد
وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة ، وكان زاهدا
فيها ولم يسع اليها ، اذ دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
فوجده يبكي ، فساله عن ذلك فقال له : ( يا عمر لا حاجة لي في امارتكم !!)
فرد عليه عمر : ( أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك)
جيش أسامة
وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد في سبعمائة الى الشام ،
فلمّا نزل بـذي خُشُـب -واد على مسيرة ليلة من المدينة- قُبِض رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- وارتدّت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول
الله فقالوا : ( يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء ، تُوجِّه هؤلاء الى الروم وقد
ارتدت العرب حول المدينة ؟ ! ) فقال : ( والذي لا إله إلا هو لو جرّت
الكلاب بأرجل أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رَدَدْت جيشاً
وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله ) فوجّه أسامة فجعل لا يمر
بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا : ( لولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء
من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم )فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم
ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام
حروب الردة
بعد وفـاة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب ومنعت الزكاة ،
واختلـف رأي الصحابة في قتالهم مع تكلمهم بالتوحيـد ، قال عمر بن الخطاب : (
كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( أُمرتُ أن
أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم
وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ) ؟ ! ) فقال أبو بكر : ( الزكاة
حقُّ المال )و قال : ( والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة ، والله لو
منعوني عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
لقاتلتهم على منعها ) ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً
حتى رجع الكل الى رأيه ، ولم يمت حتى استقام الدين ، وانتهى أمر المرتدين
جيوش العراق والشام
ولمّا فرغ أبو بكر -رضي الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة الى
الشام وخالد بن الوليد الى العراق ، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على
أحد ممن ارتدَّ من العرب ، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتا على
الاسلام
استخلاف عمر
لمّا أراد أبو بكر أن يستخلف عمر بن الخطاب بعث إليه وقال : ( إني أدعوك
إلى أمر متعب لمن وليه ،فاتق الله يا عمر بطاعته ، وأطعه بتقواه ، فإن
المتقي آمن محفوظ ، ثم إن الأمر معروض لا يستوجبه إلا من عمل به ، فمن أمر
بالحق وعمل بالباطل ، وأمر بالمعروف وعمل بالمنكر يوشك أن تنقطع أمنيتُهُ ،
وأن يحبط عمله ، فإن أنت وليت عليهم أمرهم فإن استطعت أن تخفّ يدك من
دمائهم ، وأن تصم بطنك من أموالهم ، وأن يخف لسانك عن أعراضهم ، فافعل ولا
حول ولا قوة إلا بالله )
وفاته
ولد أبو بكر في مكة عام ( 51 قبل الهجرة ) ومات بالمدينة بعد الرسول -صلى
الله عليه وسلم- بسنتين وثلاثة أشهر وبضع ليال سنة ( 13 هـ )ولما كان اليوم
الذي قُبض فيه أبو بكر رجّت المدينة بالبكاء ، ودهش الناس كيوم قُبض
الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وجاء علي بن أبي طالب باكيا مسرعا وهو يقول :
( اليوم انقطعت خلافة النبوة) حتى وقف على البيت الذي فيه أبو بكر مسجّىً
فقال : ( رحمك الله يا أبا بكر ، كنت أول القوم إسلاما ، وأكملهم إيمانا ،
وأخوفهم لله ، وأشدهم يقينا ، وأعظمهم عناءً ، وأحوطهم على رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- ، وأحدبهم على الإسلام ، وآمنهم على أصحابه ، وأحسنهم
صُحْبة ، وأفضلهم مناقب ، وأكثرهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأشبههم برسول
الله -صلى الله عليه وسلم- به هدياً وخُلُقاً وسمتاً و فعلا