كلمة التوحيـد نور في القلوب
إن
البداية الصحيحة في الطريق إلى الله سبحانه وتعالى ..هي كلمة التوحيد " لا
إله إلا الله " فبـهــا يضئ القلب وتوهب له الحياة . وكلما بَعُــــد
الإنسان عن كلمة التوحيد كلما اقترب من المرض والموت، وأظلم قلبه وأسـود
.فمتى استنار القلب بنور التوحيد وانسجم سلوك الإنسان مع سنة نبيــــه محمد
صلى الله عليه وسلم
من خلال علم وعمل وذكـر والتزام صحيح بكتاب ربه وسنة نبيه.
أشعة لا إلـه إلا الله
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله :
"اعلم
أن أشعة لا إله إلا الله تبدد ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك الشعاع
وضعفه ، فلها نور، وتفاوت أهلها في ذلك النور –قوة وضعفاً لا يحصيه إلا
الله تعالى ، فمن الناس من نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس ، ومنهم من نورها
في قلبه كالكوكب الدرّي ، ومنهم من نورها في قلبه كالمشعل العظيم، وآخر
كالسراج المضيء، وآخر كالسراج الضعيف ، ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة
بأيمانهم وبين أيديهم على هذا المقدار، بحسب مافي قلوبهم من نور هذه الكلمة
علماً وعملاً ، ومعرفة وحالاً "
كيف يحـــــدو النـــور إلى القلب؟!
إنها آثار ثلاثة بها يحدو النور إلى قلب المؤمن، وبزيادتهايزداد نوره حتى لاتبقى به ظلمة، فأما الأول:
كلمة التوحيدوتحقيق شروطها
والثاني: فهو نبذ الذنب والإقبال على العبادة .والثالث:تحقيق معاني العبودية ظاهراً وباطناً .
أما الاثر الأول:فهو أثركلمة التوحيد
"لا
إله إلا الله"في القلب وأثرالعلم بهانفياً وإثباتاً وتطبيق شروطها
بالحقيقة،والإخلاص لها وإقبالها عليها،فمن قام بذلك خرج من ظلمة الغفلة إلى
نور التوحيد،
وعلامة
ذلك كره الشرك بجميع صوره وأشكاله ونبذه، والبراءة منه قولاًوعملاً
وإعتقاداً،وكذلك فإن من علاماته الإقبال على الله بالكلية ومحاولة تنقية
الأعمال من مراءاة الناس.الأثر الثاني:وهو أثر نبذ الذنب والإكثارمن العبادة والذكر حتى إنه ليكره الذنب تماماً
ويتوب من ذنبه التوبة النصوح وينسى لذة الذنب ويكره أن يعود إليه ويفرق المعاصي كفراق المشرق
للمغرب،وهو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كماباعدت بين المشرق والمغرب"رواه البخاري عن أبي هريرة،وكذلك أن يكثر من من الطاعات فيقوم بحق الفرائض كاملة دون منقوصة ثم يكثرماشاءالله له من النوافل وهو جاء في الحديث القدسي"ومازال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه"ثم يكثرمن ذكر الله سبحانه وتعالى قياماً وقعوداً
ليلاًونهاراًسـراً وجهاراًوهو قول الله تعالى"الّذين يذكرون الله قياماً
وقعوداً وعلى جنوبهم"(آل عمران من الآية191)،وقول النبي صلى الله عليه وسلم"لايزال لسانك رطباً من ذكر الله"رواه
أحمدوالترمذي. فإذا نبذالذنب وأقبل على العبادة وملأ قلبه وجوارحه ذكرالله
سبحانه حدا إليه النور خطوة أخرى ووجد ثاني آثاراه، إذ يشعر بالنور في
قلبه ويبدأفي التحررمن سجن الدنيا ويجد نفسه حراً خفيفاًمن أثر نفسه وهواه
ودنياه ويشعر بلذة الطاعة تسـري في عروقه الأثرالثالث:وهو أثر تحقيق معاني العبودية الكاملة وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله"من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية"فيقوم المؤمن بالتدريج في مراتب العبودية شيئاًفشيئامستعيناً
بالله عزّوجل،يقول الله سبحانه وتعالى"والذّين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين"(العنكبوت69)فيقوم
بالجهادفي سبيل الله بنفسه وماله ومايحب،ويحسن خلقه مع الناس،وترقى منزلته
في منازل العبودية فيحقق التوبة والإنابة ، والتفكير والإعتصام بالله،
والخوف منه والفرار إليه والإشفاق من عذابه والإخبات إليه،والزهد فيماعند
الناس،والورع فيما بين يديه،والإخلاص في كل سكناته وحركاته،والتوكل
عليه،والثقة بما في يديه،والرضا بقضائه والحياءمنه
والطمأنينة
في ذكره،والمحبة له، والفرح بقربه..إلى غير ذلك من مراتب العبودية . فإذا
حقق ذلك هداه الله سبحانه ونصره على الشيطان،وعلى هوى نفسه، ووجد أثـر
النور في قلبه ويضئ طريقه..