يابن آدم إنما أنت أيام
لا تكن عبداً رمضانياً
لقد انقضى رمضان وتصرمت أيامه ،وتم صيامه وقيامه وطويت صحائفه بما قدمنا فيها
من خير أو شر .
فياليت شعرى من الفائز منا فنهنيه ؟!
ومن المحروم فنعزيه ؟!
كم هو محروم من حرم خير رمضان ؟
وكم هو خاسر من فاته المغفرة والرضوان ؟
غداً توفى النفوس ما كسبت ...ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن احسنوا أحسنوا لأنفسهم ...وإن أساؤا فبئس ما صنعوا
لا تكن عبداً رمضانياً
كان السلف الصالح يجتهدون فى إتمام العمل وإتقانه ويهتمون
بعد ذلك بقبوله وهؤلاء الذين مدحهم الله بقوله :
"وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (المؤمنون 60)"
*عن عائشة رضى الله عنها قالت :
سألت رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {"وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ "
} قالت عائشة أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون قال لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا تقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون
*قال علي رضى الله عنه :"كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل ألم تسمعوا
الله عز وجل يقول :" إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين " ﴿27﴾من سورة المائدة
لا تكن عبداً رمضانياً
فيا من ألح على ربه بالعتق من النار إياك أن تجر نفسك إليها بفعل السيئات والأوزار
ويا من أكرمه الله بطاعته إياك والعودة إلى معصيته
ويا من وفقه الله لقيام الليل لا تحرم نفسك هذا الفضل بقية العام
ويا من ذاق حلاوة الصيام لا تحرم نفسك طوال العام
ويا من كان يسأل ربه كل يوم فى القنوت وعند الإفطار لا تحرم نفسك من الدعاء بقية العام
لا تسألن بني آدم حاجة ...وسل الذى أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله ...وبني آدم حين يُسأل يغضب
لا تكن عبداً رمضانياً
وهكذا فإن كان رمضان قد انقضى فإن عمل المؤمن لا ينقضى إلا بالموت .
والله تعالى لا يرضى من عبده أن يكون ربانياً فى رمضان يسجد ويركع
ويبتهل فإذا انقضى رمضان انقلب من رباني إلى "حيواني "أو "شيطاني "
فيتكاسل عن العبادة والطاعة ويستبدلها بالمعاصي - يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير
وصار كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً .
وتلك هى النكسة المردية ..ولذلك كان السلف يقولون :
كن ربانياً ولا تكن رمضانياً
يابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك
وأعمالك مرصودة لك إما فى صحيفة حسناتك أو سيئاتك ..ويخيل للواحد منا أنه يزيد مع
الأيام ويكبر وهو فى الواقع يتلاشى ويصغر والأيام تهدم عمره ..
وما المرء إلا راكب ظهر عمره ..
على سفر يفنيه فى اليوم والشهر
يبيت ويضحى كل يوم وليلة
بعيداً عن الدنيا قريباً إلى القبر
فاللهم إجعل الحياة زيادة لنا فى كل خير والموت راحةً
لنا من كل شر ..وأعد علينا شهر رمضان أعواماً عديدة ونحن أكمل إيماناً
وأقوى يقيناً وأزيد علماً وأكثر صلاحاً وأستقامة .