الحمد لله الذي جعل فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، وأعلى أعلام فتواها بين الأعلام، وألبسها حلة الشرف حيث جاء سيد الخلق الملك بها في سرقة من حرير في المنام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنظمنا في أبناء أمهات المؤمنين، وتهدينا إلى سنن السنة آمنين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي أرشد إلى الشريعة البيضاء، وأعلن بفضل عائشة حتى قال، «خذوا شطر دينكم عن الحميراء »، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صباح مساء وعلى أزواجه اللواتي قبل في حقهن { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء} [سورة الأحزاب: 32]، صلاة باقية في كل أوان، دائنة ما اختلف الملوان.
تعرف على أم المؤمنين
هي عائشة بنت أبي بكر الصديق.
وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية.
تكني بأم عبد الله، كناها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن أختها عبدالله بن الزبير، فقد أخرج [أبو داود بسنده ( 4970)], عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله كل صواحبي لهن كنى، قال: «فاكتنى بابنك عبدالله» .
يعني ابن أختها، قال مسدد: عبد الله بن الزبير، قال: فكانت تكني بأم عبد الله .
أما ما يقال أنها ولدت من النبي صلى الله عليه وسلم ولداً فمات طفلاً فهذا لم يثبت.(الإصابة:4\360)
خصائصها
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها، وهذا باتفاق أهل النقل.زاد المعاد ( 1/103 )، الإصابة ( 4 / 360).
2- أنها خيرت واختارت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على الفور، وكذا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن تبعاً لها في ذلك، والدليل ما [رواه البخاري في صحيحه (4786)] بسنده «أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال : " إني ذاكر لك أمراً ، فلا عليك أن تعجلي حتى تستأمري أبويك".
قالت : وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه ، قالت : ثم قال : " إن الله جل ثناؤه قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [سورة الأحزاب: 28] إلى {أَجْرًا عَظِيمًا} " قالت : فقلت : ففي أي هذا استأمر أبوي ـ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة قالت : ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت» .
3- نزول آية التيمم بسبب عقدها حين حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، وقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. والقصة أخرجها البخاري في صحيحة (4607)
4- نزول براءتها من السماء بما نسبه إليها أهل الإفك في ست عشرة آية متوالية، وشهد الله لها بأنها من الطيبات، ووعدها بالمغفرة والرزق الكريم، وانظر تواضعها وقولها: ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بوحي يتلى. والقصة أخرجها البخاري في صحيحة (4750) .
5- نزل قرآن فيها يتلى إلى يوم القيامة، وهي الآيات من سورة النور ( 11 إلى 26 )، وهذا باتفاق المسلمين.
6- شرع جلد القاذف وصار باب القذف وحده باباً عظيماً من أبواب الشريعة وكان سببه قصتها رضي الله عنها، وهو قول سعيد بن الجبير – رحمه الله – تفسير القرطبي ( 6 / 115 ) .
7- لم ينزل بها أمر إلا جعل الله لها منه مخرجاً وللمسلمين بركة، كآية التيمم وحد القذف، ولذلك يقول أسيد بن حضير رضي الله عنه جزآك الله خيراً فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجاً، وجعل للمسلمين فيه بركة. أخرجه البخاري (3773) .
8- «أن جبريل أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم في المنام في سرقة (أي قطعة) من حرير فقال: هذه امرأتك، فكشفت عن وجهك الثوب فإذا هي أنت ، فقلت: إن يك هذا من عند الله يمضه». [أخرجه البخاري (5125)].
9- «أنها كانت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه: قال له عمرو بن العاص: يا رسول الله أي الناس أحب أليك؟ قال: عائشة، فقلت من الرجال؟ قال: أبوها، قلت ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب، فعد رجالاً». [أخرجه البخاري (3662)] .
قالت:وب محبتها على كل أحد ففي [صحيح مسلم (2442)] «لما جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ألست تحبين ما أحب؟ قالت: بلى، قال فأحبي هذه يعني عائشة، وهذا الأمر ظاهر الوجوب، ولعل من جملة أسباب المحبة كثرة ما بلغته عن النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرها من النساء الصحابيات» .
11- أن من قذفها فقد كفر لتصريح القرآن الكريم ببراءتها، قال ابن كثير – رحمه الله– في البداية والنهاية (337/11) : وقد أجمع العلماء على تكفير من قذفها بعد براءتها.
واختلفوا في بقية أمهات المؤمنين، هل يكفر من قذفهن أم لا ؟
على قولين: أصحهما أنه يكفر واختاره شيخ الإسلام في الصارم المسلول ( 1054/3)، وابن كثير كما في البداية والنهاية( 337/11) .
12- من أنكر كون أبيها أبي بكر الصديق رضي الله عنه صحابياً كان كافراً، نص عليه الشافعي فإن الله تعالى يقول: { إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا } [التوبة: 40]، ومنكر صحبة غير الصديق يكفر لتكذيبه التواتر.
13- أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتحفونه بما يحب في منزل أحب نسائه إليه، يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. [أخرجه البخاري ( 3775 ) ومسلم ( 2441 )].
14- أن سودة وهبت يوماً لها بخصوصها. [ أخرجه البخاري( 5212)].
15- اختياره صلى الله عليه وسلم أن يمرض في بيتها. [أخرجه البخاري ( 3774 )].
قال أبو ألوفا بن عقيل – رحمه الله - : أنظر كيف اختار لمرضه بين البنت واختار لموضعه من الصلاة الأب، فما هذه الغفلة المستحوذة على قلوب الرافضة، عن هذا الفضل والمنزلة التي لا تكاد تخفي عن البهيم فضلاً عن الناطق .
16- وفاته صلى الله عليه وسلم بين سحرها ونحرها. [أخرجه البخاري (4449) ومسلم (2443)].
17- وفاته صلى الله عليه وسلم في يومها.[أخرجه البخاري (4449)].
18- دفنه صلى الله عليه وسلم في بيتها . [أخرجه البخاري (4449)].
19- اجتماع ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وريقها في آخر أنفاسه ، وذلك حين طيبت له سواكه. [أخرجه البخاري (4449)].
20- كانت أكثرهن علماً، قال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل. الإصابة (4/360).
21- إن الأكابر من الصحابة كان إذا شكل عليهم الأمر في الدين استفتوها فيجدون الأمر في الدين استفتوها فيجدون علمه عندها ، قال أبو بردة ابن أبي موسى عن أبيه : "ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً" . [أخرجه الترمذي وصححه الألباني (3883)] .
22- لم ينكح النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أبواها مهاجران بلا خلاف سواها.
23- أنا أباها وجدها وأخاها صحابة رضي الله عنهم أجمعين.
24- كان أبوها أحب الرجال إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأعزهم عليه. [أخرجه البخاري (3662)] .
25- أن أباها أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا باتفاق أهل السنة والجماعة.
26- كان لها يومان وليلتان في القسم دونهن لما وهبتها سودة يومها وليلتها.[أخرجه البخاري ( 5212) ومسلم ( 1463)] .
27- أنها كانت تغضب فيترضاها عليه الصلاة والسلام ولم يثبت ذلك لغيرها. أخرجه[ البخاري (5228) ومسلم (2339)] .
28- لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أكثر منها.
29- أن عمر فضلها في العطاء عليهن، كما أخرجه الحاكم في مستدركه من جهة مصعب بن سعد قال: فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف وزاد عائشة ألين، وقال: إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
30- تسابق النبي صلى الله عليه وسلم معها .[ أخرجه أو داود (2578)] .
31- أنها من أكثر الصحابة فتوى، قال ابن حجر – رحمه الله – في الإصابة (1/12): أكثر الصحابة فتوى مطلقاً سبعة: عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت وعائشة رضوان الله تعالى عليهم.
قال عز وجل: {َالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر : 10 ].