هنيئاً لريَّا ما تضمُّ الجوانحَ | وإن طوَّحت بى فى هواها الطوائِحُ |
فَتاة ٌ لَها فِي مَنْصِبِ الْحُسْنِ سُورَة ٌ | تقصِّرُ عنها الغِيدُ وهى رواجحُ |
أحاطَ على مثلِ الكثيبِ إزارها | ودَارَتْ عَلَى مِثْلِ الْقَناة ِ الْوَشائِحُ |
ففى الغصنِ منها إن تثنَّت مشابِهٌ | وفى البدرِ منها إن تجلَّت ملامحُ |
مَحاسِنُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ كَثِيرَة ٌ | ولكنَّها إن وازنتها مقابحُ |
كأنَّ اهتزاز القرطِ فى صفحِ جيدها | سنا كوكبٍ فى مطلعِ الفجرِ لائحُ |
لها ذُكْرَة ٌ عِنْدِي وَطَيْفٌ، كِلاهُمَا | بِتِمْثَالِها غادٍ عَليَّ ورائِحُ |
عَجِبْتُ لِعَيْنِي كَيْفَ تَظْمَأُ دُونَها | وإنسانها فى لجَّة ِ الماءِ سابحُ |
أَحِنُّ لَها شَوْقاً، ودُونَ مَزارِهَا | مسالِكُ يأويها الرَّدى ومنادحُ |
فيافٍ يضِلُّ النجمَ فى قُذُفاتها | وتَظْلَعُ فيها النَّائِجَاتُ الْبَوَارِحُ |
وَلُجَّة ُ بَحْرٍ كُلَّما هَبَّ عاصِفٌ | مِنَ الرِّيحِ، دَوَّى مَوْجُهَا المُتَنَاطِحُ |
فقلبى تحتَ السَّرد كالنارِ لافحٌ | ودَمْعِيَ فَوْقَ الْخَدِّ كالْمَاءِ سافِحُ |
ولَوْ كُنْتُ مَطْلُوقَ الْعِنانِ لمَا ثَنَتْ | هواى َ الفيافى والبحارُالطَّوافحُ |
ولَكِنَّنِي في جَحْفَلٍ لَيْسَ دُونَهُ | بَراحٌ لِذِي عُذْرٍ، وَلاَ عَنْهُ بَارِحُ |
يكافحنى شوقى إذا اللَّيلُ جنَّنى | وأغدو على جمعِ العدا فأكافحُ |
خصيمانِ : هذا بالفؤادِ مخيِّمٌ | وذلكَ عَنْ مَرْمَى الْقَذِيفَة ِ نازِحُ |
ومَا بيَ ما أَخْشاهُ مِنْ صَوْلَة ِ الْعِدَا | لَوَ انَّ الْهَوَى يُولِي يَداً، أَوْ يُسامِحُ |
فَيَا «رَوْضَة َ الْمِقْيَاسِ» حَيَّاكِ عارِضٌ | مِنَ الْمُزْنِ خَفَّاقُ الْجَنَاحَيْنِ دَالِحُ |
ضَحُوكُ ثَنايَا الْبَرْقِ، تَجْرِي عُيُونُهُ | بودقٍ بهِ تحيا الرُبى والصحاصحُ |
تحوكُ بخيطِ المزنِ منهُ يدُ الصبا | لَها حُلَّة ً تَخْتَالُ فِيهَا الأَبَاطِحُ |
منازلُ حلَّ الدهرُ فيها تمائمى | وصافحنى فيها القنا والصفائِحُ |
وإنَّ أحقَّ الأرضِ بالشكرِ منزلٌ | يكونُ بهِ للمرءِ خلٌّ مناصِحُ |
فهل ترجعُ الأيامُ فيهِ بما مضَتْ | ويَجْرِي بِوَصْلٍ مِنْ «أُمَيْمَة َ» سانِحُ؟ |
لعمرى لقد طالَ النَّوى ، وتقاذفَتْ | مَهامِهُ دُونَ الْمُلْتَقَى ومَطاوِحُ |
وأَصْبَحْتُ في أَرْضٍ يَحَارُ بها الْقَطا | وترهَبُها الجِنَّانُ وهى سّوارِحُ |
بَعِيدَة ُ أَقْطَارِ الدَّيامِيمِ، لَوْ عَدا | «سُلَيْكٌ» بها شَأْواً قَضَى وَهْوَ رازِحُ |
تصيحُ بها الأصداءُ فى غسَقُ الدجى | صِياحَ الثكالى هيَّجتها النوائحُ |
تَرَدَّتْ بِسَمُّورِ الْغَمَامِ جِبالُها | وماجت بتيَّارِ السيولِ البطائحُ |
فأَنْجادُها لِلْكَاسِراتِ مَعَاقِلٌ | وأغوارها للعاسلاتِ مسارحُ |
مهالكُ ينسى المرءُ فيها خليلهُ | وَيَنْذُرُ عَنْ سَوْمِ الْعُلا مَن يُنافِحُ |
فَلاَ جَوَّ إِلاَّ سَمْهَرِيٌّ وقاضِبٌ | ولا أرضَ إلا شمرى ٌّ وسابحُ |
ترانا بها كالأُسدِ نرصدُ غارة ً | يطيرُ بها فتقٌ منَ الصبحِ لامحُ |
مَدافِعُنَا نُصْبُ الْعِدَا، ومُشاتُنَا | قِيَامٌ، تَلِيها الصَّافِناتُ الْقَوارِحُ |
ثلاثة ُ أصنافٍ تقيهنَّ ساقة ٌ | صيالَ العدا إن صاحَ بالشَّرِّ صائحُ |
فَلَسْتَ تَرَى إِلاَّ كُماة ً بَوَاسِلاً | وجُرْداً تَخْوضُ الْمَوْتَ وَهْيَ ضَوابِحُ |
نُغيرُ على الأبطالِ والصبحُ باسمٌ | ونأوى ِ إلى الأدغالِ واللَّيلُ جانحُ |
بَكَى صاحِبِي لَمَّا رَأَى الْحَرْبَ أَقْبَلَتْ | بأبنائها ،واليومُ أغبرُ كالحُ |
ولَمْ يَكُ مَبْكَاهُ لِخَوْفٍ، وإِنَّمَا | تَوَهَّمَ أَنِّي في الْكَرِيهَة ِ طَائِحُ |
فقال اتَّئد قبلَ الصيالِ ، ولاتكن | لنَفسكَ حرباً ، إنَّنى لكَ ناصحُ |
أَلَمْ تَرَ مَعْقُودَ الدُّخانِ، كَأَنَّمَا | عَلَى عَاتِقِ الْجَوْزاءِ مِنْهُ سَرائِحُ؟ |
وقَدْ نَشَأَتْ لِلْحَرْبِ مُزْنَة ُ قَسْطَلٍ | لَهَا مُسْتَهلٌّ بِالْمَنِيَّة ِ راشِحُ |
فلا رأى إلاَّ أن تكونَ بنجوة ٍ | فإنكَ مقصودُ المكانة ِ واضحُ |
فقلتُ تعلَّم أنما هى خطَّة | يَطُولُ بها مَجْدٌ، وتُخْشَى فَضَائِحُ |
فَمَا كُلُّ ما تَرجُو مِنَ الأَمْرِ ناجعٌ | ولا كُلُّ مَا تَخْشَى مِنَ الْخَطْبِ فَادِحُ |
فقدْ يهلكُ الرعديدُ فى عقرِ دارهِ | ويَنْجُو مِنَ الحَتْفِ الْكَمِيُّ الْمُشَايِحُ |
وكلُّ امرئٍ يوماً ملاقٍ حِمامهُ | وإن عار فى أرسانهِ وهو جامحُ |
فما بارحٌ إلاَّ معَ الخيرِ سانِحٌ | ولا سَانِحٌ إِلاَّ مَعَ الشَّرِّ بارِحُ |
فَإِنْ عِشْتُ صافَحْتُ الثُّرَيَّا، وإِنْ أَمُتْ | فأنَّ كريماً منْ تضمُّ الصفائحُ |