حقوقيون يدينون الحكم بحجب «يوتيوب» شهرًا ويعتبرونه «حبرًا على ورق»انتقد
حقوقيون الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري، السبت، بحجب عدة مواقع
إلكترونية، بينها «يوتيوب»، بسبب عرضها «فيلمًا مسيئًا» للرسول الكريم،
واصفين إياه بـ«الحبر على ورق»، لأن تنفيذه مستحيل، محذرين من إمكانية صدور
أحكام أخرى خلال الفترة المقبلة «تعصف بالحريات العامة والخاصة».
وقال
حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن تنفيذ قرار الحجب
من الناحية الفنية «غير ممكن بشكل كامل، لاسيما أن أغلب مرتادي الإنترنت
لديهم وسائل تمكنهم من تجاوز الحجب والدخول إلى أي موقع إلكتروني.
وأوضح
«أب سعدة» أن تنفيذ حكم القضاء الإداري بحجب «يوتيوب» سيفتح الباب على
مصراعيه «أمام عواقب وخيمة على المستوى الحقوقي الدولي، حيث سينظر العالم
للقرار باعتباره قرارًا سلطويًا غاشمًا، فلا تحجب مواقع الإنترنت إلا في
أعتى الدول شمولية وديكتاتورية، مثل الصين وإيران وكوريا الشمالية، مشيرًا
إلى إمكانية تعرض مصر لحملة دولية بسبب الحجب».
ونبّه إلى أن
الحكومة «تعطي رسالة سلبية للمستثمرين كذلك، بأن مصر تعاني أزمة في الحريات
العامة والخاصة وسيتم التدليل بحجب (يوتيوب) فيها للتاكيد على مناخ القمع
والتضييق».
ووصف محمد زارع، مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
الحكم بأنه «ليس أكثر من حبر على ورق، ولا يمكن تنفيذه، وسينظر له دوليًا
وحقوقيًا باعتباره محاولة لفرض قيود جديدة على حرية الرأي والتعبير،
متوقعًا الطعن على الحكم تمهيدًا لإلغائه».
ولفت «زارع» إلى أن حجب
«يوتيوب» قد «يفتح أبواب الجحيم لحجب مواقع سياسية أو معارضة أخرى، والبديل
الامثل هو حجب الفيلم المسيئ فحسب لأنه يحرض على الكراهية والتعصب».
وقال
جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن القرار يؤكد أن
هناك بعض أعضاء السلطة القضائية «لا يعرفون طبيعه شبكة الإنترنت، فالفيلم
لم يكون فقط على موقع (يوتيوب)، ولن يستطيع أي جهاز في العالم حصر المواقع
المرفوع عليها وحجبها».
وأضاف «عيد» أنه قد يفهم صدور قرار بحجب
المقاطع الخاصة بالفيلم، ولكنه لا يفهم أبدًا حجب موقع بالكامل، فالحجب
كغلق الصحف تمامًا، يمكن معاقبة مدير أو رئيس ولا يمكن معاقبة جريدة
بأكملها».
وتابع أن «الإنترنت له طبيعه خاصة ولا يمكن معاقبة جميع
المصريين المهتمين بأمور أخرى متعلقة بالفن والدين والسياسة والثقافة،
يستخدمون (يوتيوب)».
وطالب «عيد» بالتخلص من مفهوم «الدوله الأبوية»
التي قال إنها «تحدد لمواطنيها ماذا يشاهدون»، وبإنهاء قضايا الحسبة «التي
يسعي لها كل طالب شهرة».
واعتبر إيهاب راضي، مدير الوحدة القانونية
بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، أن الحكم الأخير «يأتي
متسقًا مع رأي شيوخ الدولة الدينية التي بدأنها نعيش فيها الآن»، لافتاً
إلى أن «هؤلاء الشيوخ يعتبرون حرية الرأي والتعبير قلة أدب وانحلال ويرون
أن الديمقراطية كفر، ولذلك ليس غريباً أن يتحول مجلس الدولة بعد أن كان
الحصن الأخير للحريات إلى منصة تقضي بأحكام تأتي على هوى من هم في السلطة».
وتوقع «راضي» تكرار مثل تلك الأحكام خلال الفترة القادمة بغلق بعض الجرائد، والصحف، والقنوات، وحجب مواقع أخرى.
وفي
سياق متصل، استنكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان القرار الصادر
عن القضاء الإداري. واعتبرت في بيان صادر لها، السبت، أن قرار حجب الموقع
بكامله «يحرم مستخدميه في مصر من حقهم في الوصول إلى المعلومات المتاحة
عليه، إذ أنه يعرض ملايين المقاطع في جميع الاتجاهات».
واعتبر
البيان أن «هذا يعد تعديًا على الحرية الشخصية لمستخدمي شبكة الإنترنت،
والذين يحق لهم اختيار ما يشاهدونه أو لا يشاهدونه من خلالها وفق ما تتجه
إليه إرادتهم».
وأشار البيان إلى أن القرار يتجاهل قرارات وأحكامًا
سابقة للقضاء الإداري، رفضت دعاوى مشابهة، من بينها حكم محكمة القضاء
الإداري في 29 ديسمبر 2007.
منقول من