مصطفى النجار يكتب: رسالة ضمير إلى الفريق السيسى.. كلنا على قلب رجل واحد فى حماية الدولة من السقوط.. لا تتصالح مع أى يد تمتد لإرهاب المصريين.. ولا نريد تكرار ما فعله جورج بوش عقب أحداث 11 سبتمبر
الأربعاء، 24 يوليو 2013 - 21:04
د. مصطفى النجار
سيادة الفريق تعرف كم أحبك وأقدرك على المستوى الشخصى وكم أثق فى ولائك وانتمائك لهذا الشعب العظيم وإيمانك الحقيقى بثورة 25 يناير وضرورة التغيير وتفهم طبيعة جيلنا الذى لن يرضى إلا اكتمال ثورته مهما كان الثمن.
لذا دعنى أصارحك ولا أستحيى منك ولا أنافقك حتى أظل متسقا مع مبادئى وبما تعرفه عنى من جهر بالحق مهما أغضب البعض، ولكن دعنا نتفق فى البداية على أنه لا رجوع للوراء ولا تغيير فى موقفنا جميعا من دعم الشرعية الثورية، التى أسقطت الشرعية الانتخابية المؤقتة كذلك لا تهاون ولا مصالحة مع أى يد تمتد بالإرهاب والعنف ضد المصريين، وكلنا على قلب رجل واحد فى حماية الدولة المصرية من السقوط أو التفكك أو الانجرار لفخ الاقتتال الأهلى.
أشهد الله أنك لم تكذب حين قلت فى حديثك إن المؤسسة العسكرية فعلت كل شىء ممكن مع الرئيس المعزول وجماعة الإخوان من أجل تجنب الوصول إلى ما وصلنا إليه، وكنت شاهدا أنا وغيرى على هذه الجهود التى قابلها الإخوان بكل عجرفة وغرور وعناد وغباء واستغباء حتى فوجئوا بهذا السقوط أمام إرادة الشعب التى كان لا بد أن يستجيب لها الجيش.
أنت لم تخن أحدا كما يدعون ولكنهم بغبائهم وعنادهم قادوا أنفسهم إلى السقوط وإلى مواجهة شعب بأكمله، ولكن على الجانب الآخر دعنى أختلف مع كلمتك اليوم فى الآتى:
أولا: حماية الجيوش لشعوبها غير مشروطة ولا حاجة إلى تفويض من أحد حتى تقوم بدورها فى حماية المصريين من الإرهاب، مواجهة الإرهاب والبلطجة والإجرام هو واجب المؤسسة العسكرية والأمنية، وإذا لم تقم به من تلقاء نفسها فهى مقصرة وهذا ما نصت عليه الدساتير السابقة والإعلان الدستورى الحالى:
مادة21 - الإعلان الدستورى
القوات المسلحة ملك الشعب، مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها.
مادة 3 من قانون الشرطة: تختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام والآداب، وبحماٌية الأرواح والأعراض والأموال وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها، كما تختص بكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين فى كافة المجالات، وتنفيذ ما تفرضه علٌيها القوانٌين واللوائح من واجبات.
ثانيا: أتفهم مدى الضغوط الخارجية، التى تمارس ضدنا وأتفهم الموقف الدولى المرتبك تجاه مصر الآن وما يمارسه الإخوان من ابتزاز واستقواء بالخارج وصل لحد المطالبة الصريحة بالتدخل فى مصر ولكن هذا لا يبرر أبدا دعوتك إلى حشد مضاد فى ظل هذه الظروف، فمشكلتنا لن تحلها الحشود والحشود المضادة، والشعب قد قال كلمته يوم 30 يونيو والمؤيدون لا ينزلون الشارع للتأييد وهذا ما كنا نعيبه على الإخوان قبل ذلك، إن هذه الدعوة ترسل رسالة للمعارضين أن الجيش صار طرفا فى الصراع، وهذا ما لا نريده، البيوت المصرية منقسمة وفى كل بيت ستجد ابنا لهم يتظاهر فى التحرير والاتحادية وابنا آخر أو قريبا أو جارا يعتصم فى رابعة أو النهضة ويطالب بعودة الرئيس المعزول، لم نكن نحب أن يرى هؤلاء المعارضون جيشهم يدعو لحشد مضاد سيعتبرونه موجها ضدهم وتمهيدا لفض اعتصاماتهم، ولن يصدقوا أن هذه دعوة صادقة للتوحد وإعلان موقف شعبى ضد الإرهاب.
ثالثا: تسلم الجيش الشرعية الشعبية من الثائرين ونقلها إلى رئيس مدنى انتقالى ومعه حكومة مدنية وحسنا ما فعل، ولكن ما حدث فى خطابك بلا قصد أنك تجاهلت هذا الانتقال وحدثت الشعب مباشرة تطلب منه تفويضا على واجب هو من مهامك الأساسية، التى يفرضها موقعك ولو كنت تطلب صلاحيات وتسهيلات ودعم للقضاء على الإرهاب لكان الأولى بخطابك هو مجلس الوزراء والرئيس الحالى، لذا ما حدث أرسل رسالة سلبية سيزايد بها هؤلاء على ما أنجزناه.
رابعًا: لا نريد أن نكرر ما فعله جورج بوش عقب أحداث 11 سبتمبر حين أعلن الحرب على الإرهاب دون أن يعّرف هذا الإرهاب، وليس هذا تنظيرا ففى ظل شقاق سياسى محتدم وفى ظل ما تمر به مصر سيعتبر المعارضون أن كلمة الإرهاب هى غطاء لقمعهم والتنكيل بهم وسيعتبرون أن من سيشارك فى مظاهرات التفويض هو شريك فيما قد يحدث لهم بعد ذلك، وهذا سيزيد من انقسام المصريين وتعميق الكراهية بينهم وسندفع جميعًا الثمن حين يتحول الإحساس بالمظلومية – الذى يؤججه قادة مجرمون فى حق الوطن – إلى رغبة فى الانتقام من المجتمع بلا تمييز وستطال النار الجميع والرصاصة، التى تقتل والقنبلة التى تنفجر لا تختار من تزهق روحه.
خامسًا: نحن نواجه قيادات جماعة فارقهم الإحساس بالمسئولية تجاه الوطن ولم يعودوا يبحثون إلا عن مصلحة تنظيم بائس وسلطة سقطت وعزلهم الشعب عنها، وما يبثونه فى قلوب أنصارهم – وهم ضحايا – من كراهية وإحساس بالظلم والاضطهاد وزج بالدين فى الصراع يجعل من كل واحد من هؤلاء قنبلة موقوتة، وهو يتصور أن ما سيمارسه من عنف هو جهاد فى سبيل الله، لا نريد أن نستعدى هؤلاء فهم للأسف ملايين ومصريون لن ننزع عنهم مصريتهم، وفى نفس الوقت لن نخشاهم ولن نخضع لأى ابتزاز من أى يد تمتد بالعنف والإرهاب ضد المصريين، يجب أن نفرق فى خطابنا بين هؤلاء وهؤلاء.
سادسا: ليس متظاهرا ولا معتصما سلميا من يحمل سلاحا، لذا فالتعامل مع من يحملون السلاح فى وجه الناس ووجه الدولة يجب أن يتسم بالحسم فى إطار القانون واحترام حقوق الإنسان وما حدث من عدة انتهاكات لحقوق الإنسان وتعذيب لبعض المعتقلين فى الأحداث الأخيرة ينذر بالخطر، فلم ننزل الشارع فى 30 يونيو إلا لاستكمال ثورة 25 يناير، ولن نرضى أن نعود لعصور القمع ولا تبرير لانتهاك الكرامة الإنسانية مهما كان جرم المتهم فهناك قانون يحاسبه وقضاء يردعه، سيدات المنصورة اللاتى قتلن غدرا هم أنفسهم شهداء المنيل وبين السرايات وكلهم مصريون وبشر، دماؤهم حرام والدولة يجب أن تحمى الجميع دون تمييز بسبب الهوية السياسية وفى نفس الوقت يجب أن تواجه بكل حسم كل المجرمين من أى طرف كان، طالما تجاوزوا القانون وعرضوا حياة الناس للخطر وطوبى لكل جندى وشرطى مصرى شريف يبذل حياته فداء لأهل وطنه.
وأخيرا يجب أن تسمع لصوت مختلف عن الأصوات التى تبارك كل ما تفعل اقتناعا أو خوفا أو تزلفا أو لحسابات سياسية أو انتخابية، كثيرون من هؤلاء يرددون ويتهامسون بما كتبته هنا ولكنهم يخافون من المزايدات ويحسبونها بشكل مختلف، أما أنا فلا حسابات لدىّ وليس عندى ما أخشاه، لا نبغى إلا وجه الله وصالح هذا الوطن، نقول ما نعتقد أنه الحق وأجرنا على الله أصبنا فى ذلك أو أخطأنا يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.