إخلاصنا مريض يوشك أن يموت !
12 جرعة ليتماثل للشفاء
إذا أحسست بأي وعكة في إخلاصك فانتقل فوراً إلى أقرب خلوة لا يراك فيها إلا الله تصفح هذا الكتيب وحاول أن تستشعر ما فيه من الآيات والأحاديث.
يتوقع في هذه الحالة أن تسيل على خدك قطرات من الدمع تكون بإذن الله طهراً لقلبك مما وقع فيه. كرر هذه الطريقة كلما أحسست بسهام إبليس تتوجه نحو إخلاصك لربك. لا تنسانا من صالح دعائك
والعلاج موجود ومتوفر العلاج مر وعلقم والتعالج صعب وشاق (حفت الجنة المكاره وحفت النار بالشهوات) لكن العاقبة حميدة وعظيمة قال تعالى {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ } (محمد: 15. وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمنون وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من كذا آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه في جنة عدن )) متفق عليه
الجرعة الأولى: تعظيم الله تعالى
وذاك أن تعلم أن الفضل فضله وحده وأن ما من خير في الأرض ولا في السماء إلا هو منّة منه على عباده لا فضل لأحد فيها ومن ذلك الأعمال الصالحة هذه واحدة والثانية أن تعلم عظمة حق الله على عباده وهو أن يعبدوه في كل سكنة وحركة منهم وأن يقصدوه بالعبادة في كل ذلك.
نعم أخي ا إن من فقد الإخلاص أو شي منه فقد نسي الله وتغافل عن عظيم فضله وغفل عن عظيم حقه تعالى. من فقد الإخلاص غفل عن { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ( ) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ( ) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ( ) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} طه: 5-7 لقد غفل عن من قال: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( ) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} لقد كافأ فاقد الإخلاص به تعالى غيره وأشركه فيما لا ينبغي إلا له تعالى وهل هناك ظلم أشنع وأقبح من هذا ؟ أفمن يخلق كمن لا يخلق؟ فتعظيم الله حق تعظيمه هو الطريق إلى الإخلاص والخلاص من هذا الداء وعلى من وجد عنده شي من هذا المرض أن يستشعر عظمة الله تعالى وأن يتعالج بعبادة التفكر في ملكوت السماوات والأرض قال تعالى واصفاً عباده المخلصين {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار}
الجرعة الثانية: أن تعلم حقارة من صرفت له شي من العمل.
يا مرائي من ترائي أترائي الماء المهين وذلك الخلق الهزيل وغداً في القبر رهين. يا مرائي لو أتيت على من رائيته بعد ثلاث ليال لشاهدة منظر أفزعك وأقض مضجعك رأيت البطن وقد انفظخ بعد أن انتفخ وإذا بالروائح قد انبعثت والدود قد تكاثر وتناثر .يا معجباً بنفسه ما هو أصلك وما هو اليوم حشوك وكيف سيكون قبرك؟! قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} الحج73 وقال تعالى يصف ضعف الإنسان {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} الروم .54
ومما يصرف الناس له مقاصدهم ونواياهم ويعظمونه تعظيماً يزاحم عندهم تعظيم الله الدنيا وزينتها وقد حقرها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} وقال صلى الله عليه وسلم (( ما الدنيا عند الله تساوي جناح بعوضة ولو ساوتها ما سقى منه كافر شربة ماء)) الترمذي الزهد ومر عليه الصلاة والسلام بأصحابه على جيفة جدي أسك فتناوله فأخذ بأذنه ثم قال : أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء وما نصنع به!!؟ قال : أتحبون أنه لكم ؟ قالوا : والله لو كان حياً كان عيب فيه لأنه أسك فكيف وهو ميت؟ فقال : فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم . رواه مسلم ومن هوان الدنيا على الله أنه يعطيها الكافر والمسلم لهونها على الله قال تعالى { وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } الزخرف 34 .
وهذا من حقارة الدنيا وهوانها وسرعة زوالها وتحول عافيتها قال صلى الله عليه وسلم ( يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خير قط هل مربك نعيم قط فيقول: لا والله يا ربي . ويؤتى بأشد الناس بؤساً من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط) رواه مسلم. فيا من عبد الدينار والدرهم كيف بك إذا صبغت في لنار صبغة؟؟
الجرعة الثالثة : أن تعلم فضائل الإخلاص العاجلة والآجلة
قال تعالى {(يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ( ) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } يا عبد الله والله لا يغني عنك يوم القيامة ولا ينجيك في تلك المواطن إلا إخلاصك لله بأعمال تابعت فيها ما شرع . (({ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } المائدة127
وقال صلى الله عليه وسلم: ( ما قال عبد لا إله إلا الله قط خالصاً من قلبه إلا فتحت لها أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ، ما اجتنبت الكبائر) صحيح الجامع 5524 وقال (( إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)) وقال ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) ومما يتجلى فيه فضل الإخلاص من الأحاديث حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله تعالى قال في الحديث : إمام عادل [ "فمن الذي منعه من الظلم إلا خوف الله" شاب نشأ في طاعة الله" [فمن الذي منعه من نزوات الشباب وشهواته إلا إخلاصه لله" ورجل معلق قلبه بالمساجد "وهل هي إلا بيوت الله وهل تطلب فيها الدنيا والحظوظ"] ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة أخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) البخاري الأذان.
ومن فضائل الإخلاص أن صاحبه يبلغ من الأجر مبلغ نيته وإن لم يعمل شيئاً مما نوى!! قال صلى الله عليه وسلم (من سأل القتل في سبيل الله صادقاً من قلبه أعطاه الله أجر شهيد وإن مات على فراشه )) الترمذي وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال (إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم) قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة ؟؟ قال وهم بالمدينة حبسهم العذر ))رواه البخاري وقال ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى ،فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) قال صلى الله عليه وسلم (إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مال و علماً فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية فهو يقول لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فهما في الأجر سواء وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقاً فهو بأخبث المنازل وعبد قال لو أن عندي مثل فلان لعملت بعمل فلان فهما في الوزر سواء) الترمذي الزهد
وبالإخلاص يكون ثواب الأعمال : وقال (ما من مكلوم في الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى اللون لون الدم والريح ريح المسك) البخاري الذبائح. وقال (من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة) البخاري الصلاة وبالإخلاص ينال الفضل العاجل. قال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} قال صلى الله عليه وسلم (( من سره أن يجد حلاوة الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله)) احمد. وقال: ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ) البخاري الإيمان.
ومن فضائل الإخلاص أنه يتوسل إلى الله به في الكُربات فيكشفها وفي ذلك حديث الثلاثة الذين أطبقت عليهم الصخرة في الغار وكلهم يتوسل بعمله وينص على الإخلاص فيه فيقول ( اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون) ومن أعظم فضائل الإخلاص أن به تكون العصمة من الشيطان قال تعالى حاكياً قول إبليس واعترافه أنه لا طريق له على عباد الله المخلصين قال تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ } الحجر 40
الجرعة الرابعة: معرفة عظيم جرم من جعل لله شريكاً في عمله ومقصده
قال تعالى { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الزمر 65. أنظر لهذا الوعيد يوجه من الله إلى أعظم الناس عبادة وأكثرهم لإن أشركوا وقصدوا بعملهم غير الله ولو لحظة ليحبط عملهم ويكونوا في الآخرة من الخاسرين فكيف بمن دونهم !! فحبوط العمل وخسران صاحبه في الآخرة نتيجة محققة لمن أشرك في عمله قال صلى الله عليه وسلم (( يقول الله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )) مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) رواه أبو داود وقال صلى الله عليه وسلم ((الدنيا ملعونة ماعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله )) الترمذي الزهد .
و يعامل به المرائي والمسمع ضد قصده فيفضح في الآخرة على رؤوس الخلق عن جندبا قال النبي صلى الله عليه وسلم (من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به ) البخاري الرقاق. قال (( من سمع سمع الله به مسامع خلقه وصغره وحقره) احمد 622 . وقال (( ما من عبد يقوم مقام سمعة ورياء إلا سمع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة )) وقال صلى الله عليه وسلم (( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا وما الشرك الأصغر قال الرياء يقول الله عز وجل إذا جازي الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء)) احمد وقال(( إذا جمع الله الناس يوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان أشرك في عمل عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك )) الترمذي تفسير القرآن.
ومما يدلك أخي على خطورة عدم الإخلاص في العمل ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من الأحاديث التي تحذر من ذلك وتبين خطره بالنسبة لبقية الذنوب عن أبي سعيد الخدري قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر المسيح الدجال فقال (( الا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال ؟؟ فقلنا بلى يا رسول الله فقال : الشرك الخفي أن يقوم الرجل فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل) وقال صلى الله عليه وسلم (( إياكم وشرك السرائر يقوم الرجل يزين صلاته جاهد لما يرى من نظر الناس إليه فذلك شرك السرائر) ولعل من أعظم ما يخوف به ويتوعد به من فقد الإخلاص دعاء الرسول صلى الله عليه حيث قال) تعس عبد الدينار تعس عبد الخميلة تعس عبد الخميصة تعس ونتكس وإذا شيك فلا أنتقش)
وختاماً لهذه الجرعة من العلاج وهي معرفة خطر الشرك في العمل فلنستمع لهذه القصة التي تحكي خوف السلف والصحابة من الرياء وتأثرهم عند ذكر مصير أهله : عن شفي الأصبحي أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع الناس عليه فقال من هذا ؟ فقالوا أبو هريرة فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس فلما سكت وخلا قلت :له أنشدك بحق وبحق لما حدثتني حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته . فقال: أبو هريرة رضي الله عنه أفعل لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته ثم نشغ أبو هريرة نشغة فمكث قليلاً ثم أفاق فقال : لاحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى ثم أفاق فمسح وجهه فقال :لأحدثنك حديث حدثنيه رسول الله عليه وسلم وأنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره ثم أبو هريرة نشغة شديدة ثم مال خاراً على وجهه فأسندته طويلاً ثم أفاق فقال :حدثني رسول الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية فأول من يدعوا به رجل جمع القرآن ورجل يقتل في سبيل الله ورجل كثير المال فيقول الله للقارئ :ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي فيقول بلى يا رب . قال: فما عملت فيما علمت ؟ قال :كنت أقوم به أناء الليل وأناء النهار . فيقول: الله كذبت وتقول الملائكة كذبت بل أردت أن يقال إن فلاناً قارئ فقد قيل ذلك. ثم يؤتى بصاحب المال فيقول الله له: ألم أوسع عليك حتى لم ادعك تحتاج إلى أحد قال بلى يا رب قال :ماذا عملت فيما آتيتك؟ قال :كنت أصل الرحم وأتصدق فيقول الله له: كذبت وتقول :الملائكة كذبت ويقول الله تعالى بل أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذاك . ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول :الله له في ماذا قتلت فيقول أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت . فيقول :الله له كذبت وتقول :الملائكة كذبت ويقول :الله بل أردت أن يقال فلان جرئ فقد قيل ذاك. قال أبو هريرة :ثم ضرب رسول الله على ركبتي فقال يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة .
وحدث العلاء بن حكيم أنه كان سيافاً لمعاوية رضي الله فدخل عليه رجل أخبره بهذا عن أبي هريرة فقال معاوية :قد فعل بهؤلاء هذا فكيف بمن بقي من الناس ثم بكى معاوية بكاء شديد حتى ظننا أنه هالك وقلنا قد جاءنا هذا الرجل بشر ثم أفاق معاوية رضي الله عنه ومسح عن وجهه وقال :صدق الله ورسوله {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون.} حديث الثلاثة وأنهم أول من تسعر بهم النار في صحيح مسلم. و قصة شفي مع أبو هريرة ومعاوية رضي الله عنهما زادها الترمذي كتاب الزهد باب ما جاء في الرياء والسمعة قال الألباني صحيح