علمنا التاريخ أن نهاية «الظالمين» وخيمة، وأن دولة الظلم الى زوال، وأن الله جل وعلا «يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته».
«النمرود» طغى في البلاد وأكثر فيها الفساد، ومنع الناس طعامهم وأموالهم وأفقرهم حتى وصل بهم الحال الى أنه يوزع الطعام عليهم فقط إذا أظهروا له الولاء، وظن بهذا أنه الرب الذي يحكم بما يريد، وحياة الناس وموتهم ورزقهم بيده!! تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، ولما رفض نبي الله «إبراهيم» عليه السلام أن يذعن له طرده وآذاه ومنع عنه المؤونة والطعام، فمرت الأيام والسنوات فيهلكه الله بأضعف جنوده «البعوض» ويميته شر ميتة «فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين».
أما فرعون الذي اضطهد بني إسرائيل، وعلا في الأرض واستكبر فيها، وسيطر على مصادر المعرفة والعلم، واستخدم السحرة لتخويف الناس وإبهارهم، وسلط على الشعب «كلابه» من أجهزة الأمن والاستخبارات ونهب الثروات واستعبد الناس وقسمهم الى طبقات عبيد وأسياد فاستضعف طائفة منهم وذبح أبناءهم واستحيا نساءهم فرضوا وخنعوا واستكانوا له فعاشوا في الذل دهراً، فلما أرسل الله لهم «قائداً» يقودهم للعز، مجاهداً لا يبالي بالطغيان، مؤمناً بالله لا يخاف أحداً سواه، بدأت دماء العز تجري في عروق الضعفاء، وتنفس القوم الصعداء، وأرسل الله جنوده من الضفادع والجراد والقمل وغيرها، ثم أغرق الله الظالمين «فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين».
إن التاريخ مليء بأخبار الظالمين وكيف كانت مآلاتهم، ماذا فعل الله بقوم نوح، وكيف أهلك الله المستكبرين من قوم عاد، وأين هم الذين جابوا الصخر بالواد، وكيف كانت نهاية قارون الذي جمع المال وأذل العباد؟، وأين «هامان» وجنده وماذا بقي من بطش الملوك وظلم السلاطين؟، عذاب الله نزل وسقطوا من عروشهم وماتوا شر ميتة «فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين».
التاريخ الإسلامي يشهد – أيضاً – بعض الحكام الظالمين، الذين تسلطوا على البلاد والعباد، فأكثروا فيها الفساد وما «الحجاج» إلا نموذجاً واضحاً نقل التاريخ صورته وغيره أخفاهم التاريخ من بطش وظلم واضطهاد، لكن كيف كانت النهايات؟ منهم الذي قطع رأسه وعلق، ومنهم من كان يعوي «كالكلب» على فراش المرض حتى هلك، ومنهم من رؤي يتسول في المساجد يطلب درهماً يأكل به، ومنهم من اغتاله المقربون وتعددت الأسباب وهلاك الظالمين محتوم «فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين».
إن لكل نهاية بداية، ولكل نتيجة سبب، وسنن الله لا تتغير، فالباطل لا يدمغ إلا إذا قذف بالحق، والأرض تفسد إذا لم يتدافع الناس، ولولا إنكار المنكر لصار معروفاً، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل».
الومضة «السادسة والتسعون» في أرض مصر العظيمة «قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين».
بقلم الشيخ : نبيل العوضي