اجعل
الكتاب.. خير أنيس لأولادك
ما إن تعرَّف أولادك على الكمبيوتر واكتشفوا مغريات الإنترنت، حتى
نشأت عداوة بينهم وبين الكتاب الورقي. فإذا رأيت أحدهم يقرأ في كتاب، فلا
تبذل جهداً حتى تعرف أنّه يذاكر، وأنّ الكتاب الذي بين يديه هو كتاب مدرسي،
وليس رواية، أو ديوان شعر، أو بحثاً علمياً يطالعه من باب التثقيف الذاتي
لا من باب الواجب. وبما أن كل شيء تقريباً يكتسبه المرء من طريق التعود،
فاسعَ إلى أن تجعلهم يعتادون القراءة. كيف؟ الأمر أسهل مما تظن. بدءاً،
انشئ مكتبة في البيت إذا كنت إلى الآن لم تفعل ذلك، واملأها كتباً متنوعة
تناسب أعمارهم ومستواهم التعليمي والفكري، وبين حين وآخر عززها بكتب صادرة
حديثاً يمكن أن تشتريها من معارض الكتب بأسعار مقبولة، أو إشترك في مكتبة
عامة واستعر منها الكتب مرتفعة الثمن. تعوَّد – أيضاً – أن
تقرأ في وقت الفراغ، فعندما يرونك مهتماً بالمطالعة، يتمثلون بك، فهم
يتأثرون كثيراً بك وبأُمّهم، فكونا لهم المثال الجيِّد على هذا الصعيد.
كذلك اجعل للكتاب حيزاً صغيراً في الأحاديث العائلية، استشهد بقصة قرأتها
في كتاب معيّن، أو فكرة أو قول... وتعمد ذكر عنوان الكتاب أكثر من مرّة،
لكي يترسخ في أذهانهم، فقد تقود "الحشرية" أحدهم إلى قراءته، ثمّ ينصح به
أخاه أو أخته أو صديقاً. ولا بأس أن تعتذر – أحياناً – لأحد أولادك عن عدم
تلبية طلب يلح لنيله؛ بحجة أنك تقرأ فصلاً مهماً وترجو منه أن يمهلك بضع
دقائق ريثما تنتهي منه. هذا الموقف يلفته إلى أهمية ما تقرأ، فيعرف مدى
تأثير الكتاب، ويصبح منجذباً إليه من حيث يدري أو لا يدري. ولكي
تنمي لديهم عادة المطالعة، عدهم بمكافآت، وتأمين أشياء يرغبون في
اقتنائها، إذا قرؤوا هذا الكتاب أو ذاك، وكتبوا ملخصاً مقتضباً عنه، فمثل
هذا التشجيع يحثهم على القراءة، وبمرور الوقت تغدو المطالعة عادة، والكتاب
حاجة لابدّ من إشباعها. ويستحسن أن تعرف ميل كل منهم إلى النوع الذي
يجتذبه، فتجلب له الكتب التي تجاري هذا الميل، مع تشجيعه على التنويع؛ لكي
يغني ثقافته ويوسع آفاقه. هكذا يصبح الكتاب خير أنيس لهم في
ساعات الوحدة، وفي أيام الإجازات، وخلال السفر، وقبل إلقاء الرأس على
الوسادة.
المصدر: موقع بلاغ