آكَاذيب الصغار .. كيفية التعامل معها..؟؟
من سكب هذا العصير على الأرض؟
سؤال ربما وجهته لأحد الصغار في يوم من الأيام، وربما حصلت على إحدى هذه الإجابات "أختي الصغيرة هي من سكبت العصير" "لا أدري من فعل هذا" مع علمك أن من قام بهذا العمل هو ذلك الطفل الذي يقف أمامك ويجيبك على سؤالك،
مثل تلك الإجابات غير الصحيحة عليك التصرف حيالها بطريقة مناسبة حتى لا تستمر عادة الكذب هذه مع ابنك الإجابة الأولى ستحصل عليها من طفل لا يتجاوز عمره ثلاث سنوات، طفل لا يدرك أنك لن تصدقه.. حتى وإن اتهم أخته الصغيرة التي لا تستطيع حتى أن تقوم بمثل تلك الأعمال.
أما الإجابة الثانية وبالرغم من أنها كاذبة أيضاً فستحصل عليها من طفل أكبر سناً، بدأ يدرك معنى مفهوم الكذب.
الكذب يعتمد على بعض مهارات الحياة الرئيسة مثل الاعتماد على النفس، والاستقلالية، والتحكم بالعواطف.
والطفل أثناء تطوره يبدأ في تجربة تلك المهارات بأشكال مختلفة، خاصة مع المحيطين به بالتأكيد ستغضب عندما ترى أن صغيرك يكذب.. ولكن ابدأ في النظر بشكل آخر للموضوع، وهو أن ابنك بدأ يكبر، ويستخدم مهارات الحياة التي يعرفها، ويروي بعض القصص الغريبة، وتأكد أنك لست وحدك من يعاني من مثل تلك التحديات؛ بل هناك آباء وأمهات آخرون يعانون مثلك، والجميع يبحث عن وسائل للتعامل مع تلك الحالات.
لماذا يلجأ الصغار للكذب؟
الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وأربع سنوات لا يفرقون ما بين الحقيقة والخيال؛ ولهذا فهم لا يتخيلون أنهم يكذبون، بل وراء تلك القصص الغريبة عدة أسباب منها
1 مقدرة الطفل على التخيل بشكل كبير، حيث تتطور قدرته على الإبداع بشكل سريع، فهو يعتقد أن ما يفكر فيه هو الحقيقة، وقد يصدق أن هناك حيوانات صغيرة تحت سريره تتحدث معه، أو أن هناك بعض المخلوقات الغريبة في خزانته.
2 النسيان، فالطفل قد ينسى أنه بالفعل من أحدث تلك الفوضى في الغرفة أو أنه هو الذي كتب على جدار المنزل.
3 الطفل قد يرى صورته بشكل كما يحب والداه أن يرياه فهو ذلك الحمل الوديع الذي لا يقوم بأي تصرف خاطئ، ولهذا عندما يقول "لم أفعل" يظن حقيقة أنه لم يفعل؛ لأنه لا يحب القيام بمثل تلك الأخطاء.
4 التمنيات الكاذبة، فعندما يقول الطفل "إنني لم أقم بكسر هذا الكأس، فهو يتمنى حقيقة داخل نفسه أنه لم يقم بذلك، ولهذا هو يقنع نفسه أنه ليس الفاعل".
5 الحاجة للشعور بالأهمية، فتأليف الطفل لقصص معينة يجعله يشعر بأهميته، فعندما يخبرك ابنك أنه دائماً يفوز على أقرانه في أي لعبة يلعبها فهو يبحث عن الإنجاز وليس الكذب.
6 الحاجة لجذب الانتباه، فقد يشعر ابنك الصغير أنه بروايته تلك القصص الطويلة عما حدث له أو ما شاهده سيجذب انتباهك له، حتى وإن كانت تلك القصص في غير صالحه، وربما يستمر في كذبه هذا إذا حصل على الانتباه الذي يريد.
7 الحاجة للشعور بالأمن، فعندما يخبرك طفلك أنه من أنقذ أخته الصغيرة التي كانت على وشك الغرق فهو يحاول أن يضع حلولاً لمسائل تؤرقه.
عندما يكبر الأبناء ويصبحون في سن الدراسة يصبح الأمر مختلفاً؛ لأنهم في عمر يمكّنهم من التفريق بين الصواب والخطأ؛ ولهذا فهم قد يلجؤون للكذب لأسباب ناتجة عن التطور العمري، والعواطف كالرغبة بالشعور بالأهمية، أو أسر مشاعر الآخرين.
كيف نتصرف؟
1 عندما يأتيك ابنك بقصة خيالية استمع إليه، وحاول أن تضع يده على عناصر الخيال دون أن تستهزئ به؛ فالخيال من طبيعة الأطفال، ونحن نقويه فيهم بقراءتنا القصص الخيالية لهم.
2 حاول أن تكون تعليقاتك على وضع معين عامة "ليست اتهامية"، كأن تقول "أود أن أعرف من نثر تلك الألوان في غرفة المعيشة؟ أتمنى أن يساعدني أحد في إعادة ترتيبها".
3 تعاطف مع الوضع، فإذا انسكب العصير من يد الصغير على سجادة الجدة فأَخْبِر الصغير أنه لا يكفي أن يشعر أنه كان لا يريد أن ينسكب العصير، ولكن عليه أن يعترف بفعلته، وأن يتصرف ويقوم بتنظيفها، ووضِّح له أن قول الصدق أسهل بكثير من قول الكذب.
4 وضِّح لصغيرك أهمية الصدق والأمانة؛ فقد يقتنع الطفل بأن الكذب عمل شائن، ولكنه قد يستمر به، وهنا يأتي مفهوم الأمانة (وهو ما سنتطرق إليه في العدد القادم بمشيئة الله) لنبدأ في غرس تلك الصفة فيه.
5 تحكم في غضبك؛ فإن كنت تتوقع أن يخبرك ابنك بما قام به من أخطاء فلا تصب غضبك عليه فجأة، فمن المتوقع ألا يعترف لك بما قام به في المرة القادمة، حاول أن تمتدح صدقه معك، وحل معه مشكلته.. لا تعاقب بشدة؛ فلقد وجد أن العقاب قد يدفع الطفل إلى تجربة المرحلة التي تليها من التطرف في التصرفات، أما المدح فقد يرفع معنوياته، ويدفعه إلى أن يرقى بتصرفاته من أجل المزيد من المدح.
6 اجعله يشعر بحبك له، بالرغم من ما قد يكون قد ارتكبه من أخطاء كأن يكسر مصباح الإضاءة في غرفتك فإن لم يشعر بهذا الحب فسوف ينكر فعلته ويتعلم الكذب خوفاً من أن يفقد حبك له.
7 ابنِِ أواصر الثقة بينكما، اجعله يشعر بأنك تثق به، وأنك محل ثقة، فإذا اصطحبته إلى طبيب الأسنان لا تخبره أن الوضع غير مؤلم، ولكن أخبره أنك والطبيب ستحاولان أن تجعلاه أقل ألماً، وإن شعر بالألم اعتذر له عن هذا.
8 حاول أن تستغل أي فرصة لتعليم صغيرك حدود التصرف اللائق، والعمل الذي تعتبره تصرفاً مقبولاً، فمثلاً قبل أن يأخذ شيئاً من الآخرين فعليه أن يستأذن.. وضع الحدود، وتعليمها للأبناء شيء في غاية الأهمية فأغلب المشكلات تحدث لعدم وجود تعريف واضح للحدود التي يجب أن يتصرف خلالها الطفل، كما أن وضع تلك الحدود يجعل الطفل قادراً على الحكم على تصرفاته من حيث الصواب والخطأ.
9 إذا لاحظت أن ابنك يروي قصصاً غير صحيحة عن إنجازاته والمهام العظيمة التي يقوم بها لشخص آخر أمامك لا تنفي ما يقوله أمام هذا الشخص؛ فهذا يفقده الثقة بنفسه، تلك الثقة التي يسعى لدعمها عن طريق تلك الأكاذيب؛ ولكن تحدث معه عن هذا الخصوص في وقت لاحق، واجعله يعرف بأنك تحبه والناس أيضاً ليس بسبب تلك البطولات.
10 إجادة عملية التوازن بين العقاب والتسامح أمر يحتاج إلى بعض التدريب، فإنك إذا لم تعاقب ابنك الذي تخطى الثامنة على كذبه فإنه سيعتاد على مثل تلك الأكاذيب، وإذا عاقبته فسيزيد كذبه، خوفاً منك. والوصول إلى هذا التوازن يحتاج إلى التزامك بالهدوء واستغلال الفرصة المناسبة لتعليم الابن الأمانة في الحديث، وعندها تسأله لماذا لجأ إلى الكذب؟ وتوضح له خطأ ما قام به، وأنه ليس بحاجة للجوء للكذب؛ فكلنا معرضون للوقوع في الخطأ.. ركِّز على نقطة تحمله للمسؤولية؛ وليس على الخطأ الذي وقع فيه، ودعه يضع حلاً للخطأ.
11 قد يكذب الصغار نتيجة تعرضهم لتحدٍّ معين، سواء في المدرسة أو في حياتهم الاجتماعية، وخوفاً من أن يشعروك بالإحباط، فإنهم قد يلجؤون للكذب فإذا شعرت بأن هذا هو السبب تحدث معهم على انفراد، وشجعهم على التحدث عن قلقهم.. حاول أن تخفض معاييرك للنجاح حتى يستطيعوا أن يحققوه بسهولة؛ مما قد يرفع معنوياتهم وثقتهم بأنفسهم.
كيف تتعرف على الشخص الكاذب؟
1 زيغ البصر يتعمد الكاذب دائماً إزاغة بصره أثناء الحديث.
2 استخدام كلمات قليلة يستخدم الكاذب أقل عدد ممكن من الكلمات وهو في الحقيقة يفكر فيما يقول من أكاذيب وهناك أيضاً كاذبون ينهجون العكس ليربكوا المستمع ويثبتوا أنهم صادقون.
3 التكلف العصبي يميل الكاذب إلى تكلف منظر الجاد، وخاصة في وجهه، إلا أنه يكشف نفسه ببعض الحركات اللاإرادية كلمس الوجه المتكرر.
4 التكرار الكاذب يميل عادةً إلى استخدام نفس الكلمات مرات متتالية، وكذلك نفس المبررات.
5 التعميم يحاول الكاذب تجنب مسؤولية أفعاله، باستخدام أسلوب التعميم كأن يسأل الناظر الطفل عن سبب تأخره فيخبره أن كل الطلبة يتأخرون.
6 تجنب الإشارة إلى الذات يتجنب الكاذب عادةً استخدام كلمة (أنا) ويقول بدلاً منها (نحن، الناس، معظم..)
7 إطلاق كلمات الاستخفاف بالآخرين يميل الكاذب إلى أن ينسب للآخرين تصرفات وأقوال رديئة خصوصاً صفة الكذب التي هو مصاب بها.
8 الكاذب سريع النسيان، وقد يفضح نفسه بنفسه من كثرة مواقف الكذب التي يعيشها