علي مائدة رمضان - إحياء رمضان
إن إحياء رمضان يكون بكل طاعة تقرب الإنسان إلي الله عز وجل؛ ولكن شهر رمضان من الأفضل أن نكثر فيه
القرآن.
قال تعالي:﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ (سورة البقرة:١٨٥)
والإمام الشافعي رحمه الله كان يختم القرآن في رمضان ستين خاتمة؛ وهذا من البركة في الوقت. وغثمان بن
عفان عندما دخل عليه الخوارج ليفتلوه خرجت زوجته وقالت: "ويلكم تقتلون رجلا كان يختم القرآن في ركعة
واحدة!". والإمام ابو حنيفة عندما سألوه:"في كم تختم القرآن؟" قال:"بالليل أم بالنهار؟" قالوا:"لك ختمة بالليل
وختمة بالنهار؟" قال:"نعم" قالوا:"في الليل." قال:"في الصلاة أم في خارج الصلاة؟" قالوا متعجبين:"ألك ختمة
في الصلاة وخارجها؟" قال:"نعم" قالوا:"في الصلاة." قال:"في صلاة الفرض أم في صلاة السنة؟" فتركوه وقالوا
أنه رجل طبع حياته مع القرآن.
كذا بقيام الليل لقول رَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَنْ قامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ."
ولنا القدوة والأسوة في رسول الله الذي كان يقوم من الليل حتي تتورم قدماه؛ كما روي البخاري أن رسول الله
وقف ليلة بأكملها يردد آية واحدة ويبكي علي ذنوب أمته وهي قوله تعالي:
﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (سورة المائدة:١١٨)
والإمام أبو السحاق السبيعي كان عنده من العمر ٨٧ عاما؛ وكان لايستطيع القيام حتي يساعدوه، فكان يقوم
بالبقرة في ركعة واحدة وكانوا يقولون له:"أرفق بنفسك وخفف علي بدنك." فكان يقول:"آه.. لقد ضاع القيام، لقد
وهن جسمي، ورق عظمي، ولم أستطع أن أقوم الليل إلا بألف آية!!"
فأين نحن من هؤلاء؟!!
لقد مدح الله أهل قيام الليل بقوله تعالي:
﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ (سورة الفرقان:٦٤)
ويقول أيضا:﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴿١٦﴾
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴿١٧﴾﴾ (سورة السجدة:١٦-١٧)
وقوله تعالي:
﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴿١٧﴾ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴿١٨﴾﴾ (سورة الذاريات:١٧- ١٨)
ويقول الله في الحديث القدسي:
"إني لأهم بأهل الأرض عذاباً فانظر إلي القائمين في الليل والناس نيام فأرفع العذاب عن أهل الأرض."
فاللَّهُمَّ اجْعَلْ رمضان شاهدا لنا لا علينا..
آآمين..
وصَلّى اللهُ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ وسلِّمْ..
مقالة للشيخ جبريل نشرت بجريدة الجمهورية يوم السبت الموافق١٣رمضان١٤۲٣هـ/١٨نوفمبر۲٠٠۲م