في المنتديات آباء وأمهات ، ومعلمون ومعلمات ، ومربون ومربيات ، يحتاجون لمعين لا ينضب ، ونبع لا يجف ، ومساند يدلهم على الخير في جهاد تربية الأبناء ... وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم قنديل من قناديل التربية ، ونبراس للقدوة الصالحة ، مثال يحتذى ، وأي مثال ؟ بل طوبى لمن كان الحبيب صلى الله عليه وسلم قدوته ، وطوبى لمن تمثل منهجه وسلوكه ، أخلاقه وفضائله ، في صدقه ، في حلمه ، في رحمته ، في ابتسامته ، في احترامه ، في كرمه ، في نبله ، في صفائه ، في وفائه ، في عفوه ، في علاقته بالآخرين ، وفي عبادته وعلاقلته بربه عز وجل .. طوبى لمن أحبه فقلده ، وسار على نهجه يقتفي آثر النور ، ومشكاة الرحمة ، طوبى لمن نشأ في رعايته ، ونهل من مدرسته ، وتربى بتربيته ...
أيها الأخوة ...
للطفل قاموسه اللغوي ، مفردات بسيطة ، وتفكير محدود ، يؤمن بالمحسوس ، ويرفض ما وراء مداركه ، يصعب الدخول لعقله بسهولة ، ولن يستطيع ذلك إلا خبيرا بنفس الطفل ، وعارفا بخصائصه وصفاته وقدراته ، اللفظية واللغوية والإدراكية ...
فالكتابة للطفل أدب صعب المراس ، وطريق شاق العبور ، لا يجيده إلا من أوتي من اللفظ أسهله ، ومن المعنى أقربه ، ومن يستطيع أن يعود طفلا في الكبر ؟ وصغيرا في الشيخوخه ؟ بمفرداته وتراكيبه ، ببراءته وضحكاته وابتساماته ، من يملك قلبا كبيرا ، وحلما عظيما ، وصبرا جلدا ، من يملك موهبة امتلاك القلوب ؟ وأي قلوب ؟ قلوب صغار لا يعرفون الكراهية والحقد ، ولا يعرفون الضغينة الحسد ، يحبون دون مجاملة او نفاق ، يتعلقون به لأنه خاطبهم بلغتهم ، رحمهم وعطف عليهم رباهم تربية الصادق الناصح !!
تلقيت طلبا من أخت فاضلة لكتابة بعض قصص السيرة النبوية للأطفال ، في محاولة للاستفادة من ذلك في تربية النشء ، وإن كنت أشكر فيها غيرتها وحرصها على تأصيل التربية في نفوس الأطفال بتربيتهم على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، إلا أني أشعر بحمل ثقيل أن حملتني أن أكتب قصصا للأطفال ، فما كان مني إلا أن أبحث عن منقذ ينقذني من هذا الحمل ، فطرقت أبواب المكتبات أبحث عن كتب للسيرة النبوية للأطفال .. فصعب علي الحصول عليها .. فقد نفدت في أغلب المكتبات ، ولا أدري هل ذلك بسبب الإقبال عليها أم لعدم طلبها اكتفت المكتبات بما سوقته منها ولم تعد لطرقها من جديد لقلة الطلب عليها ... وقد كنت قرأت كتابا لأبي الحسن الندوي [ السيرة النبوي للأطفال ] لكني لم أقتنِ الكتاب . وأبو الحسن الندوي بليغ من البلغاء وأديب من الأدباء ، بل هو عظيم في أدبه ، متمكن من اللغة ، فقد سبر أغوارها ، وعرف معانيها ، وأجاد تراكيبها ، ... اقتنيت الكتاب بعد أن طفت الكثير من المكتبات بحثا عنه فلم أجده إلا في الرمق الأخير من البحث ...
وقد قال أبو الحسن الندوي عن الكتاب وهو نهاية لسلسلة كتبها عن قصص الأنبياء للأطفال .. يقول : " فهو جدير بأن يدرسه الصغار المراهقون في مدارسهم ، ويقرأه الكبار المتوسطون في مكتباتهم ومنازلهم ، ويقدم كذلك لغير المسلمين ، أو ينقل إلى لغات أجنبية ، وقد جاءت فيه خلاصة السيرة ولبابها ، وروائع حكاياتها وانتصاراتها ، وعجائب التربية النبوية ومعجزاتها ، فأصبح الكتاب مدرسة كاملة ينشأ فيها الطالب بين إيمان وحنان ، ويتقلب بين روح وريحان ، ويخرج منها وقد حمل معه الزاد الذي يسايره في حياته ، والنور الذي يسير في ضوئه ، والسلاح الذي يدافع به عن نفسه وإيمانه ، والرسالة التي يحملها للعالم والأمم "
إليكم بعض قصص من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم .. للأطفال لأبي الحسن الندوي ، مع أني أضفت عليها بعض ألفاظ وعدلت في بعضها للتناسب مع أطفال هذا العصر وناشئته ، مع ذكر بعض الوسائل المساعدة التي يستطيع أن يستخدمها المربي للتقريب ولشد وجذب انتباه الأطفال .. فاعذروا لأخيكم خطاءه ، وضعف أدبه ، وقلة خبرته ، وأسأل الله أن ينفع بما جاء فيه ، وأن يجزي أبا الحسن الندوي خير الجزاء ، ولا يحرمنا وإياكم الخير والأجر العظيم ...
موضوع: تربية الأبناء 
الإثنين 15 ديسمبر 2014, 8:42 pm
