يعتبر الديكور المغربي من أكثر الفنون محاكاة
للفن الإسلامي، حسب رأي الكثير من خبراء الديكور. ويعود هذا إلى أنه كان في
العصور القديمة جزءا من عمارة المساجد والمتاحف قبل أن يتوسع وينتشر ليشمل
المنازل والفنادق فيزينها بكل ما يحتوي من خصوصية النقوش والتصاميم ذات
الطابع الإسلامي الفريد.
ولأنه أصبح من الديكورات المعترف بها عالميا، كان لا بد من وقفة عنده مع
مهندس الديكور، عمرو جبل، الذي يقول إنه «عندما نتحدث عن الديكور المغربي
فكأننا ننتقل بين صفحات التاريخ الإسلامي لأنه بمثابة فصل من فصوله يعيش في
حاضرنا ويتنفس هواءنا، لكن نستشعر معه عبق الماضي. فالبيوت المغربية بدأت
تشتهر بجمال تصاميمها منذ بداية القرن الرابع عشر الميلادي أي في أوج عصور
الحضارة (المرينية) لتتواكب هذه الفترة مع دخول الأندلسيين المغرب حاملين
معهم كل تراث الحضارة الإسلامية العربية في الأندلس».
ويطلق على المنزل في اللهجة المغربية «دارا»، وهي، مثل باقي الدور العربية،
تميزت بشكل عام بازدواجية الأدوار، حيث نجد فيها الخاص والعام. أي هناك
المكان المخصص لاستقبال الرجال ونظيره للنساء وهناك الغرف الخاصة بأهل
البيت، إلا أن الانطباع العام الذي تتفرد به الدار المغربية عن غيرها هو
البساطة المعمارية الخارجية حيث لا يستطيع الزائر أن يتكهن بما تخبئه
بداخلها، قبل أن يجتاز عتبة الباب فيفاجأ بما لم يكن في الحسبان.
يضيف عمرو أن رحلة الضيف إلى أجواء الراحة والسكينة تبدأ من غرفة الاستقبال
وهذا أجمل ما يتسم به الديكور المغربي. فبين الماضي والحاضر ما زالت الدار
المغربية تمنح الزائر رشة من عبق التاريخ ممتزجة مع روح وإيقاع هذا العصر.
«فبيت الضيوف» كما يلقبه البعض إلى الآن في المغرب، يتميز تصميمه من مزيج
رائع بين الكنبة المرتفعة عن الأرض وبين الجلسة العربية التي عهدناها دوما
منخفضة. لهذا يعد الصالون المغربي من أعرق وأرقى ما يمكن أن يوجد في بيت
عربي فهو مريح ووثير جدا وحتى إن بعض الأشخاص الذين يفضلون النمط الحديث في
ديكوراتهم يغريهم اقتناؤه محاولين جعله أقرب ما يكون إلى الطراز الأوروبي
مع مسحة تقليدية مغربية خفيفة بقيت مصرة على أن تلعب دورها إلى النهاية.
لكن اللمسات المغربية يمكن أن تتباين حسب شخصية صاحب البيت، وماذا يريد في
النهاية، إذ في الوقت الذي يمكن فيه أن يغرف من الديكور الداخلي في طريقة
البناء والأساسات، يمكنه أيضا أن يكتفي بالإكسسوارات والألوان.
يشرح عمرو جبل أنه عند اختيار ديكورات الأسقف يجب معرفة أن الديكور المغربي
ما زال محتفظا بطابعه الخاص المميز في السقف، فإما أن يكون منقوشا بشكل
كلي أو جزئي بما يعرف بـ«الزواق» وهو عبارة عن أعمدة عادية من خشب «العرعر
أو الورد» أو غيرهما، يضفي على السقف أصالة وتفردا. ويجب الإشارة إلى أن
المفروشات عادة ما تستخدم من الأثواب والأقمشة التي تتناغم مع «زواق»
الخشب، بحيث نجد الألوان تتسم بـ«كرنفالية» تتنوع بتنوع ألوان الطبيعة
المغربية. فمثلا قد نجد السيادة للترابي، والأزرق، والأخضر، والأرجواني،
والبرتقالي بجميع الدرجات.
وينصح عمرو بأن نقوم بدهان الجدران بأنواع معينة تتلاءم مع الديكور
المغربي، مشيرا إلى أنه ليس هناك ما هو أفضل من طلاء «التادلاكت» وهو نوع
من الطلاء يبدو قديما، أو من اللجوء إلى تشكيلات من الجبس لتزيين الجدران
المدهونة بمادة «التادلاكت».
بالنسبة لجدران الغرفة، فيقول إنها أيضا يجب أن تتماشى مع لوحات الفسيفساء
ذات الألوان البراقة والمبهجة التي يتفنن الصانع المغربي في نحت ورسم
نقوشها يدويا لتتماشى حينا مع الأسقف وحينا أخرى مع المفروشات وتسمى «اللوح
الفاسية» نسبة إلى مدينة «فاس» التي يوجد بها أمهر الحرفيين في هذا
المجال. والجدير بالذكر أن الرسومات أو النقوش تختلف في سقف كل غرفة، لأن
ما يناسب غرفة الصالون لا يصلح للنوم، وهكذا. ويشير عمرو أيضا إلى «أن
الأبواب في الديكور المغربي مهمة، لأنه يجب أن تضم واحدا أو اثنين على
الأقل بقبة دائرية من أعلى، حتى يبقى وفيا لأصوله المستمدة من الاتجاه
الإسلامي القديم، فهكذا كانت أبواب المساجد».
أما الأرضيات فتغطى بطبقة من «السيراميك المموج» أو الرخام الإيطالي. وفي
بعض الأحيان تغطى هذه الأرضيات بـ«زرابي» وهو سجاد مغربي مختلف الأشكال،
فمنها زرابي رباطية وأخرى شامية وبربرية أو سجاجيد «زمورية»، وكلها تمتزج
بسهولة مع ديكور الصالون، وتصنع يدويا من أفخر أنواع الصوف المغربي. ويغلب
على خلفيتها اللون الأحمر. ويتابع عمرو قائلا «نلاحظ هنا توافق مفردات
الديكور المغربي مع بعضه في كل شيء بدءا من الفسيفساء (الزليج) كما تسمى في
المغرب برسوماتها وألوانها المشرقة، مرورا بالسقف الجبسي المحفور يدويا
وانتهاء بـ(الخشبيات) كالطاولات، والبراويز والمفروشات».
ولأن المغرب من البلدان المعروفة بجمال طبيعتها وامتزاج الكثير من الحضارات
في نسيجها، نجد زحاما وتنوعا في المواد المستعملة في الديكور والتصميم
الداخلي للبيوت، من طين وخشب العرعر وفسيفساء وغيرها، إضافة إلى حرفية
الصانع المغربي ورغبة أصحاب البيت في إعطاء بيوتهم طابعا خاصا.
أما المفروشات والأغطية التي تتناثر في أرجاء المنزل فتتنوع هي أيضا بين
المفروشات المغربية التقليدية مثل «السداري» وهو عبارة عن كنبات مستطيلة
وطويلة تمتد على طول الغرفة وعرضها مستندة إلى الجدران بواسطة مخدات، يريح
عليها صاحب البيت أو الضيوف ظهورهم، وتغطى عادة بأقمشة خاصة مصنوعة من
الحرير والمخمل، وربما يكون هذا ما يمنحها طابعها المغربي الذي اشتهر في كل
أنحاء العالم. فقديما كانت تصنع يدويا من قبل سيدات ماهرات في هذه
الصناعة، كن يحضرنها للعرائس لتكون جزءا من جهازهن، تفتخر بها العروس بين
أهلها وكلما زادت القطع التي تجلبها معها إلى بيت الزوج وغلي ثمنها شعر أهل
الزوج أن العروس غالية على أهلها. ولكن اليوم لم يعد هذا الاتجاه سائدا
كما كان، مع دخول الديكور المغربي البيوت الغربية وعالم الموضة والديكور
الداخلي، حيث تم تطويره ليناسب العصر. وفي هذا الصدد يقول مهندس الديكور
إنه بإمكان أي شخص أن يضيف لمسة من هذا الديكور على بيته ويحوله إلى واحة
متكاملة تعبق بروائح أسواق مراكش وموزاييك طنجة أو الصويرة بخطوات بسيطة:
قطعة واحدة تحمل سمات الديكور المغربي، سواء كانت قنديلا أو سجادا أو
طاولة، أو ديكورات خشب «الأرابيسك» المغربي كاللوحات الخشبية المحفورة على
الجدران، وبعض الإكسسوارات النحاسية والمباخر المحفورة يدويا.
- شراء الطاولات المطعمة بالصدف واستبدال بعض مصابيح الكهرباء بالفوانيس
النحاسية للإضاءة - نثر النباتات (الزرع الأخضر) في غرفة الصالون وغرف
المعيشة - طلاء غرفة بلون برتقالي مطفي مع استعمال ديكورات باللون الأزرق
أو الأصفر في تحية واضحة لحدائق ماجوريل المراكشية، كما صممها الراحل إيف
سان لوران